قبل عام انطلقت فكرة فرق «برايل بوكس»، لمساعدة فاقدي البصر في مواصلة دراستهم الجامعية، عبر تحويل المناهج إلى طريقة «برايل»، التي يستطيع المكفوفون قراءتها، وسرعان ما استقطب الفريق، الذي تقوده كوثر الحمدي، حوالى 200 متطوع، موزعين على مناطق المملكة كافة، تتعاون معهم الجامعات في أنشطتهم لمساعدة الطلبة المكفوفين الدراسين في كلياته. الحمدي (كفيفة) تدرس في كلية التربية بجامعة الملك فيصل، تدرس علم الاجتماع، في المستوى الرابع، وهي مدربة معتمدة محلياً ودولياً، وصحافية إلكترونية، ولديها مهارات ومواهب عدة، منها الكتابة الأدبية. وتحلم بأن تكون رائدة أعمال وتنشئ مقراً خاصاً بالمكفوفين، لنشر إبداعاتهم العلمية والتعليمية. وقالت كوثر ل«الحياة»: «إن الطلبة مهما بلغوا من الذكاء والرغبة الكبيرة في الدراسة سيواجهون عقبات عدة، خلال حياتهم العلمية والدراسية، فهناك معوقات تواجه أي كفيف في حياته الدراسية، ومنها صعوبة توفير المواد الدراسية بطريقة برايل، التي تلائم حاجة المكفوفين». واستدركت بالقول: «إن إدارة الجامعة تبذل جهوداً كبيرة لتقديم الخدمات لمساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة عموماً، والمكفوفين خصوصاً، وعملت على توفير مكتب خاص لذوي الاحتياجات الخاصة، تقدم من خلاله الخدمات للطلبة المعوقين». وعن بداية تأسيس فريق «برايل بوكس»، ذكرت أن الفكرة انطلقت فى شهر آذار (مارس) من العام الماضي، «وأُنشِئ الفريق بعد معاناة كبيرة، عانى فيها المكفوفون من صعوبة الحصول على الكتب الدراسية بطريقة برايل، وكذلك الوقت الطويل الذى يتطلبه تحويل المناهج إلى هذه الطريقة والجهد والكلفة المالية العالية لطباعتها، إذ قد تصل إلى 300 ريال للكتاب الواحد، فيما يكلف الطالب المبصر 30 ريالاً». طرحت كوثر الأمر على مكفوفين، ولاقت الفكرة استحسانهم، وانطلق الفريق ليضم اليوم 200 متطوع من جميع مناطق المملكة، يعملون على تحويل الكتب الدراسية المطلوبة في الكليات إلى كتب مطبوعة بطريقة «برايل»، من خلال جهاز خاص في تحويل الصفحات العادية إلى لغة «برايل». وأشارت الحمدي إلى أن هناك أجهزة تعين الكفيف على قراءة الكتب، بعد تحويلها إلى «وورد»، مثل برامج قارئات الشاشة الموجودة في الحواسيب والهواتف المحمولة، ويستطيع الكفيف قراءة الكتاب من خلال هذا البرنامج، من طريق تحويل النصوص إلى صوت مسموع. فيما يوجد جهاز «برايل سينس»، وهو جهاز إلكتروني بمثابة حاسوب محمول، يستطيع الكفيف من خلاله وضع جهاز تخزين مثل «فلاش ميموري»، وفتح ملفات «وورد»، من خلال هذا الجهاز، بحيث يخرج له بطريقة ملموسة، ويدعم هذا الجهاز تحويل النصوص إلى صوت مسموع من خلال برنامج قارئ الشاشة الموجود فيه. ويستطيع الكفيف من خلال جهاز «برايل سينس» أيضاً الاتصال بالإنترنت والتصفح والتحميل، ووفرته الجامعات السعودية للطلاب المكفوفين «عهدة» يستعمله خلال فترة الدراسة لتسهيل عملية التعليم لهم. ويراوح سعر الجهاز بين 18 ألفاً و30 ألف ريال، بحسب نوعه وإصداره وحداثته. وعن أهم الأجهزة الإلكترونية التي يتطلعون إلى أن تتوافر لدى لفريق للإسهام في تنفيذ طموحاته، أشارت الحمدي إلى أن الفريق يحول كتب المكفوفين في مراحله الأولى، فالكتاب يمر بمراحل ليكون في الصورة النهائية التي يستطيع الكفيف قراءته، «إذ نستقبل الكتاب من الكفيف بصيغة pdf، ويعمل الفريق على تحويله إلى وورد، لكونه يتوافق مع أجهزة المكفوفين، وتبقى المرحلة الأخيرة وهي الطباعة، ونحن نحيل ذلك إلى الكفيف نفسه، ونسعى إلى توفير مقر رسمي للفريق، تتوفر فيه الأجهزة الملائمة لتقديم أفضل الخدمات لجميع المكفوفين». ويقدم الفريق خدمة تحويل الكتب الدراسية وغير الدراسية إلى صيغة «وورد» لتوافقها مع جميع أجهزة المكفوفين، وتشمل هذه الخدمة جميع المكفوفين في مناطق المملكة المختلفة. ويتطلع أعضاء الفريق إلى تقديم المساعدة لكل كفيف، ورفع مستوياتهم الدراسية، وتمكينهم في شتى المجالات. ويبذل الفريق جهده للتواصل مع الجامعات، ومن أبرز الجامعات التي تعاونت معهم جامعة الملك سعود في الرياض، من خلال مركز ذوي الاحتياجات الخاصة، الذي رحب بالفكرة وبالفريق، وأكد أهمية وجود مثل هذا الفريق لخدمة المكفوفين أكاديمياً، «ونرجو أن نتعاون مع جامعات خارج المملكة، فمن أهم تطلعات الفريق التي يسعى إليها تعميم خدماته على مستوى الوطن العربي». وعن الصعوبات التي تواجههم في تحويل الكتب للمكفوفين، بالنسبة إلى المتطوعين داخل الفريق، أشارت كوثر إلى صعوبة التواصل، «كون الأعضاء من مناطق عدة، ولكن هذه الصعوبة تذللت من خلال التقنية، فالفريق استفاد من وسائل التواصل الاجتماعي، ما سهل التواصل بينهم»، مضيفة «قد يرغب متطوع في الانضمام إلى الفريق، ولكنه يفتقر إلى خبرة التعامل مع البريد الإلكتروني والحاسوب، فيحول ذلك دون انضمامه، إضافة إلى أن الفريق يعتمد في شكل كلي على مهارات الكتابة بال«وورد» ويحل بطء في الإنجاز إذا كان المتطوع قليل الخبرة في الحاسب، ولكن مهاراته تنمو خلال العمل مع الفريق». ولفتت إلى أنها تسعى، من خلال هذا الفريق، إلى «تذليل صعوبات تواجه المكفوفين دراسياً، وتمكينهم في جميع مجالات الحياة التعليمية والأسرية، وخصوصاً في المجال التطوعي، فهم قادرون على خدمة غيرهم، وأسعى من خلال الفريق إلى مساعدة المكفوفين ليصبحوا أدباء ومؤلفين ومفكرين، وبالنسبة إلى الدراسة فأطمح إلى متابعة الدراسة ونيل درجة الماجستير في الخدمة الاجتماعية، لرفع مستواي الأكاديمي».