رفعت أمس صلوات للأشخاص الأربعة الذين قتلهم في بلدة تريب جنوبفرنسا الجمعة الماضي، المغربي رضوان لقديم في عملية إرهابية نُفذت على 3 مراحل، وتبنّاها تنظيم «داعش». ولا يزال مقتل المقدّم آرنو بلترام يثير تأثراً شديداً، بعدما تبرّع بتسليم نفسه إلى لقديم، في مقابل إطلاق سيدة كان الجاني يحتجزها. وأعلنت الرئاسة الفرنسية أن «تكريماً وطنياً» سيُقام له. وفي مقر البلدية التي امتلأت بورود بيضاء، مع رسالة «كفى عنفاً»، قال رئيس البلدية إريك ميناسي: «كنا مقتنعين بأن الأعمال الوحشية لن تقع في منطقتنا، واستخلصنا أن التعصب الديني قد يطاول أي شخص». وخلال قداس في تريب، قال المونسنيور آلان بلاني: «هذه الأحداث ستشكّل دافعاً لنا لنجد ما يكفي من الشجاعة لإعادة تأسيس مجتمع لن تتكرّر فيه» أحداث مشابهة. وحرص مندوبون يمثلون المسلمين على المشاركة في تكريم الضحايا. واعتبر بلانكي خلال القداس أن «حضوركم يثبت لنا أن دعاة الكراهية لن يربحوا أبداً». وشدّد محمد بلمينوب، إمام مسجد فيغييه دو كاركاسون، لدى خروجه من الكنيسة على أن «المسلمين طُعنوا، الإسلام نفسه طعنه أشخاص يستخدمون رموزاً عزيزة على قلوبنا. (عبارة) الله أكبر رمز لعبادة الله، هذا يعني أن الله هو أكبر من الكراهية». وأضاف: «لا نجد الكلمات، نشعر باضطراب»، لافتاً إلى أنه أتى للدفاع عن «فرنسا المتعددة المشارب والطوائف»، وزاد: «يجب أن يضع الجميع هذه الفكرة في رؤوسهم. نحن محكومون بالعيش معاً والتصدي لهذه الخراف الضالة». وأمام أخطر اعتداء وقع منذ توليه مهماته في أيار (مايو) 2017، أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون «تصميمه» على خوض «معركة» مكافحة الإرهاب، مدعوماً من نظيره الأميركي دونالد ترامب ورئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، علماً أن فرنسا شهدت منذ عام 2015 هجمات إرهابية أوقعت 245 قتيلاً. وعنونت صحيفة «لو جورنال دو ديمانش» أمس «ماكرون أمام أول اختبار صعب»، مشيرة إلى «رئيس يواجه تهديدات قد تقع في أي لحظة». وبعدما رأس اجتماعاً لمجلس الدفاع، طلب ماكرون استدعاء كل الأجهزة المكلّفة مراقبة المتشددين، في دائرة أود حيث وقعت الهجمات. وكان وزير الداخلية جيرار كولومب أقرّ بأن «أجهزة الاستخبارات رصدت (لقديم) وراقبته»، مستدركاً: «كنا نعتقد بأنه لم يكن متشدداً». وذكرت وزارة الداخلية أنه بات على المحققين الآن توضيح «المسار الذي قاده إلى التشدد»، وهل كان لديه شركاء وما هي صلاته المحتملة ب «داعش»؟ ودعا جوفريه ديدييه، وهو قيادي في حزب «الجمهوريين» اليميني، إلى «الكفّ عن السذاجة» وتوقيف الناشطين الإسلاميين «الأكثر خطراً». وتابع: «داعش في صدد كسب عقول، ويجب أن نستفيق». وكان رضوان لقديم (25 سنة) قال خلال الاعتداء إنه «أحد جنود» التنظيم، فيما اكتشف محققون في منزله في كاركاسون «ملاحظات تشير إلى انتمائه إلى داعش». وأُوقف شخصان على ذمة التحقيق، هما صديقته وصديق له عمره 17 سنة. ولفت جان شارل بريزار، رئيس «مركز تحليل الإرهاب»، إلى أن «ارتكاب هجمات لم يعد بالضرورة يتبع المنطق، وبات الرابط بين المنفذين المحليين والمنظمات الإرهابية افتراضياً أكثر». وأضاف: «باتت الأساليب المعتمدة مرتجلة والأسلحة بدائية».