اعتقلت الشرطة الفرنسية ليلة أمس (الجمعة) شخصا ثانيا يعتقد بأنه على صلة بالاعتداء الذي وقع في جنوب غربي فرنسا، وأودى بحياة أربعة أشخاص، وفق ما أعلن مصدر قضائي اليوم. وذكر مصدر آخر أن المعتقل الثاني شاب من مواليد العام 2000، وهو من أصدقاء المسلح رضوان لقديم البالغ من العمر 25 عاماً. وقال مدع فرنسي إن «الشرطة اعتقلت امرأة على صلة بالمهاجم أمس». وتحصن لقديم، الذي كانت السلطات تظن في بادئ الأمر أنه ينفذ هجومه منفرداً، بسيارة وأطلق النار على الشرطة، ثم احتجز رهائن داخل متجر أمس، في اعتداء وصفه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بأنه «إرهابي» على صلة بمتشددين. وأعلنت فرنسا اليوم أن شرطيا، بادل نفسه مع أحد الرهائن، لاقى حتفه. وقال وزير الداخلية الفرنسي جيرار كولومب إن «الضابط الفرنسي الذي بادل نفسه بأحد الرهائن في اعتداء على متجر في جنوب غربي فرنسا أمس توفي». وكان الضابط يصارع الموت بعد إصابته بالرصاص داخل المتجر في بلدة تريب قبل أن تدهمه قوات الشرطة وتقتل المهاجم الذي كان اقتحم المتجر وهو يكبر. وقال كولومب في تغريدة على «تويتر» ذكر فيها أن اسم الضابط أرنو بلترام «توفي من أجل بلاده. لن تنسى فرنسا قط بطولته وشجاعته وتضحيته». وشنّ تنظيم «داعش» اعتداءً إرهابياً آخر في فرنسا أمس، إذ أقدم عنصر في التنظيم أفادت معلومات بأنه مغربي، على سرقة سيارة وإطلاق النار على الشرطة وأخذ رهائن في سوبرماركت، موقعاً 3 قتلى و16 جريحاً، قبل أن تقتحم الشرطة المتجر وتقتله. واعتبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن بلاده «تعرّضت لهجوم إرهابي» أوقع 3 قتلى و16 جريحاً، بينهم اثنان في وضع خطر. وأضاف أن ضابطاً في الشرطة بادل نفسه برهينة، هو «بين الحياة والموت». وتابع أن أجهزة الأمن تدرس إعلان «داعش» مسؤوليته عن الهجوم، وزاد: «أودّ إبلاغ الأمّة تصميمي المطلق على قيادة هذه المعركة. أحضّ الفرنسيين على أن يبقوا واعين للتهديد الإرهابي، ولكن أن يدركوا أيضاً القوة والمقاومة اللتين يظهرهما شعبنا، في كل مرة يتعرض فيها لهجوم». أتى ذلك لدى عودته إلى باريس من بروكسيل، لافتاً الى أن فرنسا «تواجه خطراً من الداخل منذ أشهر»، إذ إن أفراداً يتبنّون التطرف في شكل فردي، ويشكّلون تهديداً إرهابياً. لكنه حرص على طمأنة الرأي العام، مؤكداً تعبئة أجهزة الدولة بأكملها لحماية أمن المواطنين. ونفذ الجاني الاعتداء على 3 مراحل، إذ سرق بعد العاشرة صباحاً سيارة قرب مدينة كركاسون، وقتل راكباً وجرح السائق، ثم أطلق النار على شرطيين كانوا يمارسون رياضة الركض، فجرح أحدهم، ثم توجّه إلى سوبرماركت في بلدة تريب التي تبعد حوالى عشرة كيلومترات، حيث قتل شخصين آخرين واحتجز رهينة. وقال كولومب، الذي تفقد مكان الاعتداء، أن المنفذ ء يُدعى رضوان لقديم (26 سنة)، مضيفاً أنه تحرّك «بمفرده»، وكان معروفاً لدى قوات الأمن لارتكابه «جنحاً بسيطة». واستدرك: «كنا نتابعه ولا نعتقد بحصول تطرف، لكنه انتقل إلى التنفيذ فجأة فيما كان مراقباً». وتابع أن الخطر الإرهابي لا يزال «قوياً جداً» في فرنسا. وتفاوضت قوات الأمن مع لقديم، مستعينة بوالدته وشقيقتين له أُحضِرن إلى المكان لإقناعه بتسليم نفسه. لكن المفاوضات لم تسفر عن نتيجة كما يبدو، علماً أنه طالب بإطلاق صلاح عبدالسلام، الناجي الوحيد من منفذي مجزرة باريس التي أوقعت 130 قتيلاً في 13 تشرين الثاني (نوفمبر) 2015، المُعتقل في فرنسا. وبعدما وجدت قوى الأمن أنها استنفدت أساليب التفاوض، اقتحمت السوبرماركت، إثر «فتح الإرهابي النار»، ما أدى الى مقتل لقديم وتحرير الرهينة الذي أصيب بجروح خطرة، علماً أنه مقدّم في الشرطة الفرنسية، كان بادل نفسه مع رهينة مدني. كما جُرح عسكري. وأعلن «داعش» في بيان نشرته وكالة «أعماق» على تطبيق «تلغرام»، أن منفذ «هجوم تريب هو جندي في الدولة الإسلامية». وأحالت السلطات الملف على شعبة مكافحة الإرهاب في نيابة باريس. وقال رئيس بلدية تريب إريك ميناسي أن لقديم دخل السوبرماركت وهو يهتف «الله اكبر»، قائلاً: «سأقتلكم جميعاً». وروت امرأة كانت في السوبرماركت: «صاح رجل وأطلق أعيرة نارية. رأيت باب غرفة تبريد، وطلبت من الناس الاحتماء فيها. كنا 10 وبقينا هناك ساعة. سمعنا مزيداً من الطلقات النارية وخرجنا من باب الطوارئ». وعانى الفرنسيون ساعات من قلق وترقّب، استحضروا فيها اعتداءات وتفجيرات شهدتها بلادهم منذ العام 2015، ونفذها مهاجمون بايعوا «داعش» أو استلهموا أفعاله منه، موقعة 241 قتيلاً ومئات الجرحى. ويعود الهجوم الأخير في فرنسا الى الأول من تشرين الأول (أكتوبر) 2017، عندما ذبح تونسي قريبتين في مرسيليا، قبل أن تقتله الشرطة. وصادف الهجوم أمس الذكرى الثانية للاعتداءات الإرهابية التي استهدفت بروكسيل في 22 آذار (مارس) 2016، وأسفرت عن عشرات القتلى والجرحى.