اتفق كبار المسؤولين الاقتصاديين الأميركيين والصينيين أمس في اتصال هاتفي، على «متابعة التواصل» في شأن مسائل التجارة، وفقاً للإعلام الرسمي الصيني، في وقت أكد الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن التشدد التجاري سيؤتي ثماره على رغم اعتراضات أوروبا والصين. وفي أحدث خضة للنظام العالمي القائم، أمر ترامب أخيراً بفرض رسوم على واردات صينية إلى الولاياتالمتحدة تبلغ قيمتها نحو 60 بليون دولار، تستهدف قطاعات تقول واشنطن إن بكين سرقت فيها التكنولوجيا الأميركية. وأبلغ نائب رئيس مجلس الوزراء الصيني لشؤون الاقتصاد ليو هي وزير المال الأميركي ستيفن منوتشين أمس، أن بكين «مستعدة للدفاع عن مصالحها الوطنية»، إلا أنه أمل في الحفاظ على «العقلانية من قبل الجانبين وأن يعملا معاً»، وفقاً لوكالة أنباء الصين الجديدة «شينخوا». واعتبر ليو التحقيق الأميركي بسلوكيات الصين في مجال الملكية الفكرية، انتهاكاً لقواعد التجارة الدولية. وكانت الصين حذرت الولاياتالمتحدة أول من أمس أنها «لا تخشى قيام حرب تجارية»، مهددة بفرض رسوم على واردات أميركية تبلغ قيمتها ثلاثة بلايين دولار، رداً على العقوبات الأميركية التجارية الجديدة. وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن أوروبا سترد «من دون تهاون» على تهديدات واشنطن بفرض رسوم على الصلب والألومنيوم. وأضاف في ختام قمة للاتحاد الأوروبي في بروكسيل: «لا نتحدث عن أي شيء من حيث المبدأ عندما يكون مسدس مصوباً إلى رؤوسنا». ودعا المدير العام ل «منظمة التجارة العالمية» روبرتو ايزيفيدو إلى عودة التعقل. وقال في بيان إن فرض عوائق تجارية جديدة «سيهدد الاقتصاد العالمي». ولكن ترامب أعلن أول من أمس عقب توقيعه قانون الموازنة الأميركية، أن جهوده بدأت تؤتي ثمارها. وأعلنت واشنطن أنها ستستثني موقتاً أوروبا ودولاً أخرى، بينها البرازيل والأرجنتين وكوريا الجنوبية واستراليا، من زيادة الرسوم على الصلب والألومنيوم التي أعلنها ترامب في وقت سابق من الشهر الجاري، والتي دخلت حيز التنفيذ أول من أمس. وأعلن مسؤولو القطاع التجاري الأوروبيون والأميركيون أنهم بدأوا محادثات من أجل التوصل إلى تسوية. وقال ترامب: «بدأت دول أخرى التفاوض معنا من أجل اتفاقات تجارية عادلة، وذلك بعدما فرضنا رسوماً على الصلب والألمنيوم». وأعلن وزير التجارة الأميركي ويلبور روس، أن «المسؤولين الأميركيين والكوريين الجنوبيين قريبون نسبياً من التوصل إلى اتفاق حول رسوم الصلب والألومنيوم، وأن إعلاناً في هذا الشأن قد يصدر الأسبوع المقبل». في المقابل، نشرت بكين قائمة منتوجات قد تفرض عليها رسوماً تصل إلى 25 في المئة، إلا أنها أشارت إلى أنها مستعدة للتفاوض للتوصل إلى اتفاق. وحذرت وزارة التجارة الصينية من فرض رسوم تصل إلى 15 في المئة على نحو 120 سلعة تناهز قيمتها بليون دولار في حال عدم التوصل مع الولاياتالمتحدة إلى «اتفاق تعويض تجاري» خلال مهلة زمنية لم تحددها. وأضاف البيان أن الفترة المقبلة ستشهد فرض رسوم تبلغ نسبتها 25 في المئة على 8 سلع تبلغ قيمتها نحو بليون دولار، مشيراً إلى إجراء «مزيد من التقويم لتداعيات الإجراءات الأميركية ضد الصين». ولافت في اللائحة خلوها من حبوب الصويا، وهي من الصادرات الأميركية الأساس في ولايات أميركية صوتت لترامب في الانتخابات الرئاسية، كانت صحيفة «غلوبل تايمز» الصينية الرسمية أشارت إلى أن بكين تستهدفها. وأعلن نائب مدير مركز التبادل الاقتصادي الصيني المساعد السابق لوزير التجارة واي جيانغوو في تصريح إلى صحيفة «تشاينا ديلي» أن «بكين تعد لائحتين أخريين، ستتضمن منتجات مثل الطائرات والشرائح الإلكترونية، والرسوم قد تطاول السياحة وقطاعات أخرى». وبلغ العجز التجاري للولايات المتحدة مع الصين 375.2 بليون دولار العام الماضي. وقال كبير المستشارين الاقتصاديين للرئيس الأميركي إيفيريت إيسنستات، إن الرسوم الأميركية الجديدة على الصادرات تستهدف قطاعات «سعت فيها الصين إلى الحصول على أفضلية عبر الاستيلاء في شكل غير منصف أو عبر إجبار الشركات الأميركية على نقل التكنولوجيا». وأشار ممثل التجارة الأميركي روبرت لايتهايزر إلى أن القطاعات التي ستفرض عليها الرسوم تشمل الصناعات الجوية والبحرية ومعدات السكك الحديد وسيارات الطاقة الجديدة. ويفرض ترامب في قراره على وزارة المال تقديم اقتراحات جديدة لتعزيز الضمانات ضد الاستثمارات الصينية في الولاياتالمتحدة، التي قد تشكل تهديداً للأمن القومي. وكانت الولاياتالمتحدة أعلنت في بيان أنها تقدمت بشكوى ضد الصين لدى «منظمة التجارة العالمية»، اتهمت فيها الصين بانتهاك قواعد المنظمة عبر إنكار حقوق أصحاب براءات الاختراع الأجنبية «بمنع شركة صينية من استخدام التكنولوجيا بعد انتهاء عقد الترخيص». إلى ذلك، قال محافظ البنك المركزي الصيني الجديد أمس، إن بكين ستواصل نهج الإصلاح بقوة وتباشر انفتاحاً أكبر للقطاع المالي، مع التركيز بالقدر ذاته على درء الأخطار من خلال إجراءات تنظيمية ورقابية. وفي أول كلمة عامة يلقيها منذ تعيينه، قال المحافظ يي غانغ خلال «منتدى الصين للتنمية» في بكين، إن الانفتاح يفضي إلى التقدم بينما ينبئ الانغلاق بالتخلف. وكانت الصين أعلنت في تشرين الثاني (نوفمبر)، إنها رفعت سقف الملكية الأجنبية في شركات المشاريع المشتركة التي تعمل في أسواق العقود الآجلة والأوراق المالية والصناديق، من 49 في المئة إلى 5، مضيفة أن كل القيود على الملكية ستُلغى في الكثير من القطاعات المالية بعد ثلاث سنوات. وقال يي، إن رفع سقف الملكية لا يعني غياب الرقابة، كما أن انفتاح القطاع المالي في الصين لا يعني عدم خضوعه لجهات تنظيمية. وتابع، أن انفتاح القطاع سيجري بالتناسق مع إصلاحات في آلية سعر صرف النقد الأجنبي، وقابلية الحسابات الرأسمالية للتحويل.