بعد تهديد الرئيس الأميركي دونالد ترامب أخيراً بزيادة الضرائب على واردات الصلب والألومينيوم إلى بلده بنسبة 10 و25 في المئة على التوالي، وبإضافة السيارات الأجنبية والألمانية منها تحديداً على لائحة السلع التي ستخضع لضرائب جمركية إضافية، وجد العالم نفسه يقف أمام شفير حرب حمائية إثر إعلان الاتحاد الأوروبي والصين ودول أخرى، اتخاذ نهج مماثل إزاء الصادرات الأميركية إليها. وانعكس الإعلان الأميركي فوراً وفي شكل سلبي على البورصات الدولية، التي تراجعت بشدة وخسرت خلال أسبوع واحد أرباحها التي حققتها نهاية 2017 وبداية هذه السنة، ما يهدد مسار الانتعاش الاقتصادي في أوروبا والعالم، في حال لم ينتصر التعقل خصوصاً أن الجميع سيكون خاسراً في نهاية الأمر. وإلى جانب التراجع الذي حصل في بورصة فرانكفورت، تأثرت مؤشرات الاقتصاد الألماني سلباً أيضاً، على رغم أن اتجاهها العام لا يزال جيداً حتى الآن. وأظهر معهد بحوث الاقتصاد الألماني «إيفو» في ميونيخ الصادر نهاية شباط (فبراير) الماضي، أن التفاؤل تراجع جزئياً لدى غالبية مسؤولي الشركات الألمانية السبعة آلاف في البلاد الذين تُستطلع آراؤهم شهرياً، ما سبب هبوطاً ملحوظاً في مؤشر أجواء أعمال الشركات بعد هبوطه 2.2 نقطة من 117.6 إلى 115.4. وعقّب رئيس المعهد كليمنس فوست على الأمر، موضحاً أن «تفاؤل الاقتصاديين الألمان يواجه حالياً كبحاً في قطاعات الصناعة والتجارة والبناء»، وبالتالي فإن أجواء مسؤولي الشركات الألمانية تلقّت صدمة، وانخفضت التوقعات المتفائلة في النصف الأول من هذه السنة. واستدرك فوست قائلاً «مع ذلك لا يزال خبراء الاقتصاد الألمان ينتظرون نمواً جيداً هذه السنة»، لافتاً إلى أن «النمو العام الحاصل في البلاد، يشير إلى أن الاقتصاد سيحقق في ربعه الأول معدل نمو من 0.7 في المئة، بزيادة 0.1 في المئة عن الربع الأخير من عام 2017». وبدوره أوضح مركز البحوث الاقتصادية الأوروبية «زد إي في» في مانهايم، أن مؤشر النمو في ألمانيا في شباط الماضي «تدنى 2.6 إلى 17.8 نقطة مع اتجاه إلى الأسفل، علماً أن متوسِّطه على المدى الطويل هو 23.7 نقطة». ويعتبر خبراء أن في إمكان الاقتصاد الألماني أن «ينمو في الربع الأول من هذه السنة بنسبة أعلى من الربع الأول من عام 2017، وهو أمر تبرزه مؤشرات كثيرة». ولفتوا إلى أن «محرك النمو الأول هو الاستهلاك الداخلي القوي، وارتفاع الطلب والتجارة مع الصين، ما مكّن ألمانيا من احتلال المرتبة الأولى في حجم الصادرات إلى العالم العام الماضي وللسنة الثانية على التوالي». وقال رئيس المركز أخيم فامباخ، إن نتائج الاستطلاعات تشير إلى أن أمام ألمانيا آفاقاً إيجابية، فيما لا يزال وضعها الاقتصادي الحالي إيجابياً على رغم التلبد القائم، كما تتزايد التوقعات بارتفاع معدل التضخم في البلاد». وذكر المعهد الألماني لبحوث الاقتصاد «دي إي في» في برلين، أن «مؤشر النمو لديه سجّل 113 نقطة في شباط الماضي»، وقال «صحيح أن الرقم أقل في شكل طفيف من ذلك المسجل في كانون الثاني (يناير) الماضي، إلا أنه لا يزال أعلى بكثير من عتبة المئة نقطة، التي تعني تحقيق نمو نسبته 0.3 في المئة. وأوضح رئيس المعهد فرديناند فيشتنر، أن الاقتصاد الألماني «في انتعاش ولا يواجه ضغوطاً». وعلى الصعيد الأوروبي، حقق مؤشر النمو ارتفاعاً طفيفاً بلغ 1.3 نقطة الشهر الماضي عن سابقه كانون الثاني ليصبح 57.7 نقطة. أما توقعات النمو في منطقة اليورو للأشهر الستة المقبلة، فتراجعت بمقدار 2.5 نقطة إلى 29.3 نقطة، وفق ما ذكر المكتب الإحصائي الأوروبي «يويروستات» أخيراً. ويعتقد الخبراء فيه أن آفاق النمو في منطقة اليورو «إيجابية»، وينتظرون «ارتفاع معدل التضخم المطلوب في ألمانيا وفي أوروبا إلى 2 في المئة في المرحلة المقبلة».