أكد رؤساء خمسة معاهد بحوث ألمانية في «تقرير الخريف» الصادر أخيراً، أن «الاقتصاد الألماني في وضع جيد، لكن أقل مما كان منتظراً لهذه السنة». وخفّضت المعاهد الخمسة توقّعها للنمو المتوقع للعام الحالي من 2.1 في المئة إلى 1.8 في المئة»، مرجّحة «نمواً مماثلاً في الناتج السنوي القومي للعام المقبل، ما يعني استمرار النظرة الإيجابية لتطوّر الاقتصاد على رغم الانخفاض النسبي». وعزا التقرير سبب خفض التوقعات إلى «تراجع الطلب من الخارج على المنتجات الألمانية بسبب تباطؤ النمو في الصين تحديداً». لكن وزير الاقتصاد الألماني زيغمار غابرييل، شدد في بيان، على «صلابة الوضع الاقتصادي في البلاد على رغم ركود الاقتصاد العالمي». وقال أن حكومته «تنتظر نمواً من 1.7 في المئة هذه السنة بدلاً من 1.8 في المئة، لكنها لا تستبعد معدّلاً ب1.8 في المئة عام 2016». وفي وقت لا يزال مؤشر معهد بحوث الاقتصاد الأوروبي في مانهايم «زد إي في» يسجل منذ أشهر تراجعاً كبيراً في أجواء خبراء الاقتصاد والمال المستطلعين منه شهرياً، كان مؤشر معهد البحوث الاقتصادية «إيفو» في ميونيخ يسجل نتائج إيجابية باستثناء تلك المحققة في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي. إذ أفاد المؤشر الذي يستطلع شهرياً سبعة آلاف شركة في البلاد، بأن مؤشر الأجواء «تراجع بعض الشيء من 108.5 إلى 108.2 نقطة، بسبب المخاوف الظرفية لأرباب العمل من الأوضاع الراهنة». وأوضح رئيس المعهد هانس فرنر زِن، أن «التراجع البسيط لا يخفي حقيقة أن الانتعاش الاقتصادي «يظهر صلابة مدهشة إزاء التحديات الخريفية المختلفة والمتعددة». وتحسنت مؤشرات المعهد حول التوقعات للأشهر الستة المقبلة، سواء في الصناعة أو الخدمات أو البناء وغيرها، أو بقيت على مستوى جيد. وأكد زن أن صناعة السيارات الألمانية «لم تتأثر بفضيحة شركة «فولكسفاغن» الضخمة، بل زادت مبيعات شركات السيارات الألمانية في شكل ملموس». ولفت إلى أن مؤشر معهده «لا يزال يتحرك منذ أشهر على مستوى عالٍ». وكان معهد «زد إي في» الذي يستطلع شهرياً آراء نحو 400 محلل اقتصادي ومالي، هبط بقوة للشهر السابع على التوالي في كل من ألمانيا وأوروبا. وقال رئيسه كليمنس فوست، أن «الخبراء عزوا الأسباب إلى ركود الاقتصاد في الصين أولاً، وفي عدد آخر من الدول الصاعدة أيضاً، فضلاً عن انحسار الطلب على الإنتاج الألماني في شكل ملحوظ». وفي واقع الأمر، انخفض الطلب على الإنتاج الألماني بالفعل في الشهرين الماضيين، في وقت نشط الاستهلاك الداخلي. وعلى رغم ذلك، تجاوزت قيمة الصادرات الألمانية في الأشهر التسعة الأولى من السنة عتبة تريليون يورو. وبعدما توقع خبراء أن ينمو الاقتصاد الألماني في الربع الثالث بنسبة 0.4 في المئة كما حصل في الربع الثاني، لم يستبعد معهد الاقتصاد «دي إي في» في برلين أخيراً، تسجيل نمو نسبته 0.5 في المئة». وأكد خبراء ومنهم رئيس قسم النمو في المعهد فرديناند ريشتر، أن الأجواء في البلاد «جيدة جداً على رغم كل ما يحدث في أوروبا والعالم». وأجمع خبراء على عدم وجود مخاوف كبيرة لدى رجال الأعمال الألمان إزاء الركود الحاصل في الصين، «لأنهم يستفيدون كثيراً اليوم من استمرار انتعاش السوق الداخلية في ألمانيا ومن بدء خروج أوروبا من الركود، إضافة إلى استمرار تراجع أسعار النفط الدولية». ورأى هؤلاء أيضاً، أن بدء الحكومة الألمانية بصرف بلايين اليورو على مئات آلاف اللاجئين إليها لاستيعابهم «سيزيد حركة الاستهلاك الداخلي». وذكر بعضهم أن النفقات على اللاجئين خلال السنوات المقبلة «ستكون بمثابة برنامج حكومي استثماري داخلي»، سينعكس إيجاباً على الاقتصاد والنمو المنتظر في المرحلة المقبلة.