أظهر مؤشر «إيفو» الألماني، أن أجواء الشركات الألمانية واصلت هذا الشهر تحليقها من جديد بعدما ارتفع مؤشر الأعمال فيها من 115.2 نقطة في حزيران (يوينو) الماضي إلى 116 نقطة، وهو رقم قياسي. وأجمع الخبراء ومعاهد البحوث في ألمانيا على صلابة النمو الاقتصادي في البلد، على الأقل على مدى الأشهر الستة المقبلة. وقال رئيس معهد «إيفو» الذي يستفتي شهرياً سبعة آلاف شركة ألمانية، كليمنس فويست «إن أجواء اِلشركات الألمانية إيجابية جداً، وهي تنتج بكل طاقاتها». وأضاف فويست إن الاقتصاد الألماني «لا يزال يواصل تحليقه» مشيراً إلى «أن أرباب العمل الألمان في وضع متفائل جيد». وبعدما لفت إلى أن التفاؤل يشمل توقعات الشركات حتى نهاية العام الحالي، لفت «إلى أن طفرة البناء والاستهلاك الحاصلين، وكذلك النمو الحاصل في العالم إجمالاً، يدفعان الاقتصاد الألماني كأكبر اقتصاد في أوروبا إلى الأمام». ونتيجة لهذا التحسن الواضح رفع خبراء المعهد توقعاتهم السابقة لنسبة النمو الاقتصادي المتوقع لعام 2017 من 1.5 إلى 1.8، وكذلك توقعاتهم للنمو في عام 2018 من 1.8 إلى 2 في المئة. أما الحكومة الألمانية فلم تغيّر بعد توقعاتها لهذه السنة والسنة المقبلة وأبقتها على 1.5 و 1.6 في المئة على التوالي. في المقابل أفاد مركز البحوث الأوروبية في مانهايم «زد أي في» الذي يستفتي شهرياً نحو 350 خبيراً مالياً واقتصادياً في ألمانيا وأوروبا، بأن توقعات هؤلاء تراجعت في حزيران (يونيو) وانخفض مؤشره من 20.6 إلى 18.6 نقطة بعدما كان بعضهم ينتظر أن يسجل 21.5 نقطة. أما مؤشر التوقعات في المركز فسجل زيادة ملحوظة، بل أعلى مما كان متوقعاً بعد ارتفاعه من 83.9 إلى 88 نقطة دفعة واحدة. ورأى رئيسه أخيم فامباخ أن الانطباع الأجمالي المسجل هو أن الاقتصاد الألماني يسير في خط تصاعدي، أيضاً بفضل النمو الحاصل حالياً في دول الاتحاد الأوروبي. وأعلن معهد البحوث الألمانية «دي أي في» في برلين أن مؤشر النمو لديه يشير إلى أن الاقتصاد الألماني سيحقق نمواً قوياً في الربع الثاني من السنة الحالية، بخاصة أن المؤشر سجل في حزيران 104 نقاط، «بزيادة أربع نقاط عن رقم المئة الذي يشير وفق المؤشر إلى وجود ارتفاع متوسط للاقتصاد في البلاد» على حد تعبير رئيس قسم النمو في المعهد فرديناند فيشتنر الذي ينتظر أن يسجل الربع الثاني من هذا العام نمواً يقدر ب 0.5 في المئة كما حصل في الربع الأول. وفي رأي الخبراء أن ما يدل أيضاً على متانة الوضع الاقتصادي والمالي لألمانيا، هو واقع أن معدل الدَين العام على الدولة هبط خلال السنوات الست الأخيرة من أكثر من 80 إلى أقل من 70 في المئة من الناتج القومي العام السنوي للبلاد. وقال كبير خبراء مصرف «دويتشه بنك» أولريش شتيفان، إن ألمانيا كانت الدولة الوحيدة ضمن الدول الصناعية السبع الأكبر في العالم التي تمكنت من إحراز فائض في موازناتها على مدى ثلاث سنوات متتالية. وأضاف أن في حال بقي الصرف الحكومي تحت المراقبة حتى عام 2020 ستتمكن ألمانيا من الالتزام من جديد بمعيار أساس في معاهدة ماستريشت ينص على ألا يتجاوز الدَين العام في الموازنة السنوية العامة نسبة الستين في المئة. ويتبيّن من مشروع موازنة الدولة لعام 2018 أن وزير المال فولفغانغ شويبله لا يزال مصراً على التمسك بخلوه من أي دَين كما في الأعوام الماضية منذ 2014. وهو يعتبر تحقيق هذا الأمر مفخرة له ولخطه الداعي إلى التقشف في أزمنة الأزمات في مقابل خط الصرف والاستثمار الحكومي لتحريك الاقتصاد كما يطرحه الحزب الاشتراكي الديموقراطي. إلا أن أمر الاستمرار في ذلك أو عدمه يعود أخيراً إلى نتائج الانتخابات النيابية التي ستجرى في نهاية أيلول (سبتمبر) المقبل، وما إذا كان شويبله سيعود وزيراً للمال. إلى جانب ذلك ثمة مطالبات داخلية وأوروبية ودولية منذ سنوات لألمانيا للاستفادة من وضعها المالي المريح وزيادة استثماراتها بحيث تستفيد من نتائجها أيضاً دول منطقة اليورو الضعيفة.