يعاكس الانتعاش القوي، الذي يتثبت ويتوسع يومياً في ألمانيا، عدداً من التطورات السلبية الخارجية مثل كارثة اليابان النووية والمعارك في ليبيا، ومعها عامل ارتفاع الأسعار بفعل الزيادة السريعة في أسعار النفط الدولية التي تجاوزت 120 دولاراً للبرميل. ويُضاف إلى التفاؤل الكبير، الذي أبرزته معاهد اقتصاد ألمانية في تقريرها الصادر مطلع الشهر الماضي، وتوقعها معدل نمو يبلغ 2.8 في المئة، وتراجعاً ملموساً في البطالة عن ثلاثة ملايين عاطل من العمل، ترجيح الخبراء بأن يسجّل النمو 0.9 في المئة في الربع الأول من العام الجاري، أي أكثر من ضعفه في الربع الأخير من العام الماضي (0.4 في المئة). وساهمت دينامية قطاع البناء والشركات المتوسطة والصغيرة خلال الأشهر الثلاثة الأولى تحديداً، في تعزيز النمو بعد سنوات من المراوحة. ولا يستبعد اقتصاديون وممثلو شركات ومصارف، أن تحقق ألمانيا معدل نمو يتراوح بين 2.6 و3 في المئة هذه السنة. كما رفعت وزارة الاقتصاد الألمانية توقعاتها للنمو من 2.3 في المئة إلى 2.6، فيما افاد «معهد الاقتصاد الكبير وبحوث النمو» في ألمانيا، بأنه سيبلغ 2.7 في المئة. وكان الاقتصاد الألماني سجل العام الماضي نمواً عالياً هو الأول منذ عقدين بلغ 3.6 في المئة ووضع البلد في مقدم دول منطقة اليورو، وهو مؤهل لتكرار ذلك هذا العام ولو بنسبة نمو أقل. واستبعد المحللون والمراقبون الألمان، خطر حصول انتكاسة اقتصادية أو مالية في البلاد، مشيرين إلى أن «الآفاق جيدة خصوصاً أن دفاتر الشركات الألمانية مليئة بالطلبات». وأكد الخبير فرديناند فيشتنر أن الاقتصاد الألماني «قوي ومرن»، لافتاً إلى أن «تأثير الكوارث الطبيعية على الاقتصاد الدولي طفيف في العادة وفق خبرتنا». وإذ قلل خبراء من أهمية التراجع البسيط في مؤشر الاستهلاك الألماني من 6 إلى 5.9 نقطة، بسبب الغلاء الذي سجل زيادة بلغت 2.3 في المئة، لفتوا إلى أن توسع مجالات العمل وضمور البطالة وزيادة الأجور، تشجّع المواطنين على مواصلة استهلاكهم من دون خشية من وقوعهم في براثن البطالة. من هنا حذّر خبير معهد البحوث في هاله أوليفر هولتيموللر، المسؤولين في المصرف المركزي الأوروبي من التسرع في رفع الفائدة على اليورو». وحضَّهم على «التأني في الخطوات اللاحقة»، معتبراً أن الاقتصاد في منطقة اليورو «غير مُثقل بعد بارتفاع أسعار النفط والغاز». إلى ذلك، أعلنت الشركات المتوسطة والصغيرة في ألمانيا التي تشغّل القسم الأكبر من العمال في البلد، أن أعمالها تسير في شكل مرض جداً، ما سيمكّنها من توفير ما بين 220 ألف فرصة عمل و240 الفاً هذه السنة». وأوضح الخبير في هذا القطاع هلموت رودل، أن الشركات تنتظر مزيداً من الطلب عليها، وبالتالي زيادة في المبيعات وفي الأرباح، ما يسمح لها بزيادة الاستثمارات وتأمين العمل الإضافي.