تساءل شقيق عربي عن معنى كلمة «مقلط» خلال تعليقه على إحدى الصور في «كتاب الوجوه» (فيسبوك)، فتبرعت فهدة سعود بإجابته بلغة بسيطة قائلة: «لازم يكون في كل بيت سعودي هذا المدعو مقلط، تلاقيها غرفة كبيرة قريبة من مجلس الرجال ولازم تكون على شارعين، باب يدخلون منه الأكل وباب يدخلون الرجال منه عشان ياكلوا، وكلمة مقلط أعتقد مأخوذة من فعل الأمر اقلط وجمعها، اقلطوا، وهي كلمة تقال للضيوف عندما يجهز الطعام، وبدل ما نقول تفضلوا، نقول يالله حيهم اقلطوا العشاء أو الغدا زاهب وكلمة زاهب هذه تعني (جاهز)». انتهى كلامها المليء فكاهة وسخرية عميقة. المهندس محمد حلواني في كتابه الالكتروني المجاني الجميل «المرشد لامتلاك وبناء المسكن» يقول إن هناك مؤثرات خارجية تفرض على الأسرة السعودية تعدي عوامل تحديد الحاجات الفراغية للمسكن، مما يتسبب في خلل في وظيفة واقتصاديات المسكن، ومن هذه المؤثرات: التقليد ومجاراة الآخرين، تماشياً مع وضع سائد في حقبة معينة، عدم التخطيط السليم للمستقبل، والتفكير في تغيير وظيفة المسكن، التعميم وعدم مراعاة الظروف البيئية والزمانية، فالبيوت في الجبال والسهول وفي كل مكان متشابهة تقريباً، الاعتقاد الزائد بالمعرفة والدراية بالشؤون الخاصة، وأخيراً التركيز على الفراغات المعمارية للضيافة من مجلس رجال، وآخر للنساء، وصالة طعام، وغيرها. الطريف أنه لا يوجد في الفراغات المعمارية شيء للأطفال، فليس هناك ما يسمى «مجلس أطفال»، أو «صالة طعام أطفال»، او حتى «بلكونة» أطفال، والرجال لا يريدونهم في مجالسهم، والنساء تتصدر عبارة «ممنوع اصطحاب الأطفال» كل دعواتهن، ثم يتساءلون عن سبب انعزالية وضعف قدرات الابناء الاتصالية. و«التقليط» في ما يبدو لي من استخداماته اللاحقة، هو أول دروس التفاوض التي يعلمها الأب لابنه، إذ يطلب منه إدخال الصديق او الزميل حتى يفرغ من شأن ما، فينجح الولد أحياناً، ويفشل أخرى، ويعد النجاح انتصاراً لقدرات الإقناع لديه. تشوه استخدام الكلمة لاحقاً، فأصبح اللاعب الذي ينجح في خداع اللاعب الخصم، او يمر منه بطريقة ذكية تجعله محط تندر الجمهور يقال عنه أنه «قلط» فلان، وفي لعبة «البلوت» الشهيرة يتم «تقليط» الخصم إذا نجحت في صيد «العشرة» بعد البدء برقم صغير للتمويه ثم أكلها ب «الإكه». سياسياً يمكن القول إن القذافي حاول «تقليط» شعبه على مائدة فاسدة فأبى. رياضياً يمكن القول، والموسم ينتهي اليوم، إن الحكم السعودي بدأ «يقلط» في دول مجاورة بينما مجالسنا الخضراء لا تزال تصر على تجاهل قدراته، اما صحياً فإن الغرفة المسماة في منازلنا «مقلط» بالمحكية السعودية هي أحد أهم أسباب وصول السكري والسمنة إلى المعدلات المفزعة التي نقرأ عنها، ولا سيما أن الغالب الأعم ان «المنسدح» على سفرتها غالباً من ذوات المشي على أربع. [email protected]