صور ونقوش غريبة زينت أجساداً استسلمت لوخز ابر الواشمين لساعات من دون ملل، وطوابير من الشباب ينتظرون دورهم. هكذا بدا الحال في أحد مراكز نقش الوشم في مدينة اربيل عاصمة إقليم كردستان. موضة نقش الوشم على مناطق مختلفة من الجسد باتت هوساً غريباً لدى شباب كردستان العراق، فالعديد من الشباب والفتيات يتباهون برسم الوشم ويعدونه سبباً رئيساً في جلب الأنظار إليهم. ويزداد إقبال الشباب على رسم الوشم في شكل لافت في فصل الصيف، إذ بات من الطبيعي رؤية رسومات واضحة على أجزاء مختلفة من أجسادهم، وخصوصاً على الأذرع والأكف والأرجل. ويقول سوران حميد الشاب الثلاثيني الذي يعمل في أحد المراكز المتخصصة في نقش الوشم (التاتو) في اربيل، إن «هذا الفن يحتاج الى ذكاء وتركيز أثناء العمل، ولا يمكن مزاولته من قبل أي شخص من دون اكتساب الخبرات اللازمة». ويؤكد سوران أن النقوش المتوافرة لدى الوشامين متنوعة وأحياناً غربية فمنها ذات طابع شرقي ومنها الغربي «لأنه يتم استيراد بعض الصور والنقوش من هولندا وألمانيا فيما يتم استيحاء نقوش أخرى من الإنترنت». وظاهرة نقش الوشم المنتشرة عالمياً بدأت منذ أكثر من خمس سنوات في محافظة السليمانية، أما شباب اربيل، العاصمة السياسية للإقليم والأكثر تمسكاً بالتقاليد الاجتماعية في شكل عام، فلم يقبلوا على اعتماد هذه الموضة إلا منذ ثلاث سنوات فقط لكن الإقبال يترفع في شكل لافت. ويؤكد الشاب الذي انهمك بالنقش على جسد أحد الفتية أثناء الحديث أن نقش الوشم يستهوي الفتيات في شكل كبير ولا يقتصر على الشباب الذكور كما هو متوقع، مشيراً الى أن إقبال الزبائن يزداد مع نهاية فصل الشتاء واقتراب الربيع والصيف حين يبدأون بارتداء ملابس تكشف عن بعض أجسادهم فيظهر الوشم المنقوش عليها. وتطلب غالبية الشباب نقوشاً على الأكتاف والأذرع والظهر، فيما تطلب الفتيات نقوشاً على الأصابع والأقدام والبطن. والتردد في الإقبال على الوشم مرتبط بعدم زواله بسرعة وإمكان تبديله بآخر، خصوصاً أن الشباب يرغبون بنقش صور وأشكال تتعلق بالحب والغرام أو تذكرهم بحبيباتهم أو شخصية تاريخية مثلاً أما عدا ذلك فعملية النقش بحد ذاتها سهلة وسريعة. وبحسب خبراء نقش الوشم فإن أسعار الوشم تختلف بحسب نوعه وحجمه وشكله فهناك الذي يزول بسهولة وهناك الثابت. وتتراوح الأسعار بين 70 و 2000 دولار بحسب النوع وتفاصيل الرسم والألوان. ويقول حميد وهو طالب في كلية الفنون التشكيلية، إن الشباب عموماً يقبلون على الوشم الذي يزول سريعاً ويكون قابلاً للتغيير بين الحين والآخر، وغالبيتهم من طلاب كليات ومعاهد الفنون والآداب، ربما بسبب وجود رابط مع دراستهم وتخصصاتهم التشكيلية والفنية. سيران كريم إحدى الفتيات اللواتي اعتمدن الوشم هذا الموسم وبدت النقوش واضحة على أصابعها قالت: «شعرت بعد نقش التاتو أنني مختلفة عن بقية البنات، وألفت الأنظار لكون الأمر يغير من طلة الإنسان، فضلاً عن ذلك يمكن اعتباره واحداً من أشكال الإعلان عن الشخصية المستقلة». هيدي عز الدين من جهته نقش على يده اليمنى عقرباً، وعلى كتفه الأيسر أسداً وقال: «الوشم من أبرز الفنون الحديثة التي تستهوي الشباب هذه الأيام باعتباره موضة لافتة للنظر لا سيما بين الجامعيين».