تمسك سماهر الطالبة بالمرحلة المتوسطة بمشرط وتوشم في ذراعها أول حرفين من اسمها واسم صديقتها غير آبهة بالدماء التي تنزفها أو بالألم الذي تشعر به، فكل تفكيرها منصب على صنع «تاتو» في ذراعها وذلك لمواكبة الموضة التي سيطرت على تفكيرها، كل ذلك حدث في ساحة المدرسة وبمشاهدة ومباركة صديقاتها وبعض الطالبات اللاتي وقفن للفرجة على مشهد وشم، ولأن التاتو موضة اكتسحت وتحلت بها نجمات هوليوود فكان لابد للمراهقات من طالبات المدارس تقليدهن. تتهافت الفتيات على رسم الأشكال الغريبة والأحرف في أماكن مختلفة من أجسادهن، وتقول هديل عبدالعزيز (طالبة): «إن ساحة المدرسة تحولت لأفضل مكان لعمل التاتو، فأصبح رؤية مشاهد الطالبات يقطعن جلودهن بالمشرط والإبرة أمراً اعتيادياً ومألوفاً، فأحياناً نقف للمشاهدة، وأحياناً لا نولي الموقف أهمية، إذ رأيناه مرات متكررة واعتدنا عليه»، وتعلل لجوء بعض الفتيات الى استخدام الطريقة البدائية في الوشم إلى عدم استطاعتهن الذهاب إلى مختصة في الوشم، وتشير إلى أن البنات يضعن عصير «الفيمتو» المركز أو الحبر على الجرح قبل أن يبرأ حتى يصبح لونه أحمر داكناً. وأضافت أن أكثر مكان تفضله الفتيات لرسم الوشم فيه باستخدام المشرط والإبرة في منطقتي الساعد والكتف، فيما أكثر النقوش التي يتم رسمها الأحرف والقلب والسهم. وأكد رئيس اللجنة الفرعية للجمعية السعودية للطب النفسي بالمنطقة الغربية الدكتور سهيل خان أن قطع الجلد بالمشرط للقيام بعمل وشم من دون الاهتمام بالألم أو الدم الذي يحدثه الجرح يعد عنفاً ضد النفس لكن من نوع عنف المحبة، وذلك دليل على وجود فراغ عاطفي أو وجداني في فترة المراهقة، خصوصاً أن هذه الفترة تعتبر مرحلة تكوين الشخصية بحيث يتلقى المراهق أي شيء ممن يعتبرهم قدوة له من أصدقائه او غيرهم، موضحاً ان المراهقين اكثر فئة عمرية يقدمون على محاولة الانتحار من باب المغامرة أو النزعة الفورية، إذ يكون تحت تأثير ضغط او سلوك معين، فيقدم على تصرف غريب وغير مقبول من باب جذب الانتباه. وأوضح دكتور سهيل ان الألم إذا كان من النوع المحبب مثل الساديين، «إذ يرتبط الألم باللذة عندهم، فربما يكون عندهم نسبة عالية في إفراز مادة معينة فأرادوا أن يحصلوا على اللذة بهذه الطريقة، إذ إن في هذه الفئة العمرية يقبلون على المخدرات والوشم والسهر والتدخين وأمور فيها مخاطرة كبيرة ومغامرات لأنها ترفع من نسبة بعض الهرمونات عندهم وبالتالي يعوضون اللذة المفقودة». وأشار خان الى غياب دور الوالدين والتفكك الأسري الذي يعانيه المراهق، ما يجعله يبحث عن الشعور بالسعادة والطمأنينة اللتين يفتقدهما عن طريق إلحاق الأذى بنفسه، فتجعل الفتاة تبحث عن الطمأنينة والأمان عن طريق الوشم حتى تشعر بلذة. وأكد أن الخلل وما خلفه من مشكلات تحتاج إلى حلول سينكشف بعرضهم على إختصاصي يحلل شخصياتهم ويدرس حالتهم وحال أسرهم، وقد يكون هناك خلل ما في التربية أو في الأسرة أو في الدراسة او في النواحي الاجتماعية او العقلية. ومن جهته أوضح اختصاصي التجميل الدكتور هيثم جمجوم، أن الإبرة أو المشرط أو المادة الكيماوية التي تضعها الفتيات على الجرح، اذا كانت ملوثة ببكتيريا معينة فمن الممكن أن تسبب «غرغرينا»، مؤكداً على أهمية تعقيم الأدوات والجرح الذي قد يغيب في هذه الحالات، وأشار إلى ان جرح الجلد بإبرة او مشرط من دون تعقيم قد يسبب التهابات، وإذا استخدمت الفتيات المشرط والإبرة نفسهما لعمل الوشم لأكثر من فتاة فذلك ينقل الأمراض في ما بينهن. وأوضح ان طريقة جرح جلد الفتاة بنفسها، إذ لا تعي الى أي مستوى قد يصل عمق الجرح من مناطق الجلد، إذ قد يسبب لها ندبات من الصعب إزالتها، مشيراً إلى ان الطرق البدائية عشوائية وتُحدث جروحاً عميقة في مناطق مختلفة من مستويات الجلد، بحيث لا يستطيع إزالتها بواسطة الليزر العادي، مضيفاً من الناحية الجمالية أيضاً قد لا يظهر «التاتو» بالطريقة البدائية جميلاً، إذ يسيل الحبر على الجوانب فيختلف شكل الرسم ويظهر بشكل مشوه. ولفت جمجوم إلى أنه في التاتو الطبي يتم وضع مواد طبية بأدوات معقمة وإحداث مستوى معين في عمق الجرح على الجلد حتى لا يترك ندبات مستقبلاً، وحتى يزال إذا أرادت الفتاة إزالته بعد ذلك.