في اول تأكيد رسمي لمسؤول رفيع المستوى لاطلاق الغرب محادثات مع حركة «طالبان» تُمهد لإنسحابه النهائي من افغانستان المحدد في نهاية 2014، أعلن الرئيس الأفغاني حميد كارزاي في مؤتمر صحافي في كابول أمس، ان الولاياتالمتحدة تتفاوض مباشرة مع الحركة. ووصف المفاوضات بأنها «جيدة»، من دون ان يكشف موعد اجرائها ومكانها. تزامن ذلك مع موافقة مجلس الأمن بالإجماع على قرارين لفصل العقوبات الدولية المفروضة على كل من «طالبان» وتنظيم «القاعدة»، بهدف تشجيع الحركة على الانضمام الى جهود المصالحة مع الحكومة الافغانية التي أسست قبل اكثر من سنة المجلس الوطني للمصالحة برئاسة الرئيس الأفغاني السابق برهان الدين رباني، ثم طالبت بشطب اسماء 20 من قادة «طالبان» السابقين من اللائحة السوداء للأمم المتحدة، وهو ما ستحسمه لجنة العقوبات التابعة لمجلس الأمن منتصف تموز (يوليو) المقبل. وفي واشنطن، اعلن هاري ريد زعيم الغالبية الديموقراطية في مجلس الشيوخ ان الولاياتالمتحدة ستنفذ خفضاً «جوهرياً» لقواتها البالغ عديدها 100 الف جندي في افغانستان. وقال بعد لقائه قبل ايام قائد القوات الأميركية هناك الجنرال ديفيد بتريوس: «اعتقد بأن الادارة ستعلن سحب القوات الاسبوع المقبل». وجاءت تصريحات كارزاي التي لم يؤكدها الأميركيون، بعد أيام على نيله تأكيدات خلال زيارته إسلام آباد بأن باكستان ستساعد حكومته في التوصل إلى حل سلمي مع «طالبان». وهو كشف عزم حكومته على ابرام اتفاق أمني طويل الأمد مع واشنطن، يسمح ببقاء عشرات الآلاف من الجنود الأميركيين في قواعد بأفغانستان، ما يضمن حماية قوات أجنبية له، واستمرار تدفق بلايين الدولارات لمساعدة حكومته. وقال ل»الحياة» عبد السلام ضعيف، سفير «طالبان» السابق لدى باكستان، إن «لا معلومات اكيدة حول حصول محادثات بين طالبان والإدارة الأميركية التي تبدو غير جدية في محاورة الحركة مباشرة في هذه المرحلة، بدليل تركيز قواتها على الحد من اندفاع عناصر طالبان في افغانستان بهدف كسر شوكة الحركة، على رغم ان هذه السياسة أثبتت عدم جدواها في جنوب البلاد وباقي المناطق». كذلك، ابلغ الملا جان آغا، مساعد رئيس اللجنة السياسية للحركة، «الحياة» ان هذه اللجنة التي كلفها الملا محمد عمر وحدها مهمة التواصل مع الجهات الخارجية، لم تعقد بعد أي جلسة حوار مع الأميركيين. وأضاف أن «طالبان أكدت منذ مدة رغبتها في التفاوض مع القوات الأميركية في أفغانستان، لا مع حكومة كارزاي العاجزة عن حسم أمرها». ورفضت «طالبان» اخيراً عروضاً جديدة من اميركا ودول أخرى غربية لمناهضة سياسة «القاعدة»، وفك التحالف معها. ورحبت الخميس الماضي باختيار أيمن الظواهري زعيماً جديداً ل»القاعدة» خلفاً لأسامة بن لادن الذي قتلته قوات كوماندوس اميركية في باكستان، ما يؤكد استمرار التحالف بين الطرفين وعدم تأثره بغياب بن لادن، وهو ما عززه تأكيد الظواهري بيعته للملا عمر. وترى مصادر أفغانية وهندية ان نجاح القوات الأميركية في قتل بن لادن، نتج من تعاون استخباراتي باكستاني في اطار «صفقة» سمحت لواشنطن بالقضاء على زعيم «القاعدة» في مقابل ضمان باكستان مشاركة أكثر فاعلية في المستقبل لحليفها (طالبان) في القرار السياسي الأفغاني.