استهل الرئيس الأفغاني حميد كارزاي زيارة لإسلام آباد تستمر يومين للتشاور مع قادة باكستان حول العلاقات بين البلدين، ولجنة الحوار المشترك التي شكلت أخيراً، من أجل تأمين المصالحة الوطنية المنشودة مع حركة «طالبان» في أفغانستان. ويسعى كارزاي إلى إقناع باكستان بمساعدته في عقد المجلس القبلي الموسع «جيركا» لمناقشة المصالحة الوطنية في بلاده، ومستقبل الوجود الأميركي في ظل مطالبة واشنطنكابول بتوقيع اتفاق لإبقاء قواعد عسكرية أفغانية في تصرف القوات الأميركية، بعد انسحاب جنود الحلف الأطلسي (ناتو) في الموعد المحدد نهاية العام 2014. كما يريد كارزاي أن تقر «الجيركا» المقترحة تعديلاً دستورياً يسمح بترشحه لولاية ثالثة بعد انتهاء ولايته الحالية في تشرين الأول (أكتوبر) 2014. وتتخوف واشنطن من احتمال إنشاء محور باكستاني - صيني - أفغاني يحل بدلاً من الوجود العسكري الغربي في أفغانستان، وذلك استناداً الى أنباء تلت زيارة رئيس الوزراء الباكستاني يوسف رضا جيلاني لكابول في نيسان (ابريل) الماضي، وتحدثت عن اقتراحه تعاون كارزاي مع بلاده وبكين في تشكيل محور جديد يسهّل المصالحة مع «طالبان»، في مقابل عدم منح كابول تسهيلات للقوات الأميركية بعد الموعد المقرر لسحب قوات «الناتو»من أفغانستان. ويسعى كارزاي إلى إحراز تقدم في سياسته للمصالحة الوطنية ومحاولته إشراك «طالبان» في الحكم، لكن أطرافاً أخرى في حكومته ممثلة بقادة تحالف الشمال ومنافسيه السياسيين يعارضون خطته. ويقود هذا التيار كل من وزير الخارجية السابق عبدالله عبدالله الذي نافس كارزاي في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، والمدير السابق لجهاز الاستخبارات الجنرال أمر الله صالح الذي أقاله كارزاي الصيف الماضي بحجة إخفاقه في حماية اجتماع «الجيركا» استضافته كابول، فيما تزعم مصادر أفغانية أن سبب إقالة صالح هو محاولته مع عدد من أركان النظام، الانقلاب على الرئيس بدعم من القوات الأميركية. ويواجه كارزاي أيضاً عقبة رفض «طالبان» دعواته الى الحوار، ب «اعتبار ان التفاوض يجب أن يحصل بينها وبين القوات الأجنبية، وإصرارها على خروج جميع الجنود الأجانب من أفغانستان كشرط أساسي لإنهاء الصراع، علماً ان سنة مرت على تشكيل مجلس المصالحة الوطنية الأفغانية. وأعلن وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس الذي عاد قبل أيام من أفغانستان، ان واشنطن تريد إخضاع «طالبان» عسكرياً لإجبارها على الجلوس الى طاولة المفاوضات، والقبول بمشاركة سياسية مع باقي الأطراف الأفغانية بدلاً من السيطرة كلياً على أفغانستان. وتشكل زيارة كارزاي لباكستان أعلى اتصال بين البلدين بعدما قتلت وحدة كوماندوس أميركية زعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن في بلدة أبوت آباد الباكستانية، ما وتّر العلاقات بين كابول وإسلام آباد، إثر تشديد حكومة كارزاي على ضرورة ملاحقة القوات الأجنبية عناصر «القاعدة» و»طالبان» في باكستان وليس في أفغانستان.