لن أتكلم عن بشاعة جرائم الاغتصاب، وآثارها النفسية، والجسدية، والاجتماعية، وانعكاساتها السلبية على حياة الضحية وعواقبها المستقبلية، نتيجة الظلم والشعور بالقهر إذ يرى المجني عليه غريمه الجاني يفلت من العقوبة، ويكررها مع ضحايا آخرين سواء كانوا أطفالاً من الجنسين أو من النساء الشابات، أو المتزوجات، أو حتى العجائز اللاتي على حافة القبر، فالجريمة هي الجريمة بكل فضاعاتها وانتهاكاتها، والضحية هي الضحية بكل مآسيها وسلبياتها. فقط أريد أن أتكلم عن قوانين العقوبة في حق الغاصبين الذين يعيثون فساداً في حق الكرامة الإنسانية، وسلبها أمنها، واستقرارها النفسي والجسدي، لماذا نرى العقوبات المخففة والمتأرجحة بين السجن والجلد؟ إنه لمن المضحك والمخجل في آن واحد أن تكون عقوبة سارق خروف 10 سنوات مع كم هائل من الجلد، وعقوبة مغتصب سيدة في المدينةالمنورة انتهك حرمة شهر رمضان، وانتهك حرمة سيدة متزوجة استوقفته لإيصالها إلى منزل أهلها في ظهيرة الشهر الكريم، وتحت تهديد السلاح بل وإشراك صديقه في العملية الفاحشة، «ثلاث سنوات» مع 100جلدة أو 200! مما جعل الضحية المرأة تنهار وتحاول الانتحار كما قرأنا الخبر في صحفنا المحلية الأسبوع الماضي، ومحاولتها بلع كمية من الحبوب لولا أن زوجها أسعفها إلى المستشفى، وبقيت تحت ملاحظة الأطباء الذين أفادوا بسوء حالتها النفسية تحت وطأة القهر والشعور بالظلم من فعل هذا الحكم المرفه للجاني، وعدم القبض على الشريك الآخر الذي يجعلني أضع علامة استفهام مفادها أنه من المستحيل أن لا يعرف مكانه وشريكه في السجن، ومن البديهي أن يدل عليه، لكن الأسئلة تضعنا في دائرة الحيرة حين لا نجد لها أجوبة في ظل التعتيم والتمويه المحيط بالقضية لصالح الجناة. لا نحتاج إلى قانون اجتهادي في حق هؤلاء المجرمين والله سبحانه وتعالى وضع لنا قانوناً واضحاً يعرف بقانون الحرابة وهو القتل أو الصلب أو قطع الأيدي والأرجل من خلاف، وهذا ما أفتى به الكثير من العلماء الأفاضل، فلماذا لا يعتمد هذا الحكم قطعياً حتى لا يتمادى المفسدون ذوو النفوس المريضة في أفعالهم الإجرامية التي تشنعها كل الأديان السماوية والقوانين الإنسانية؟ ولننظر إلى القوانين الغربية وصرامتها في معالجة هذه الجريمة على وجه التحديد، وهنالك فرق واضح بين جريمتي الاغتصاب والزنى، وقلت هذا الكلام في برنامج «قضية رأي عام» الذي استضافتني فيه قناة روتانا خليجية حول هذه القضية إذ أن الزنى -والعياذ بالله- جريمة فيها الرضا من الطرفين، عكس الاغتصاب الذي يتم بغصب الطرف الآخر إما تحت تهديد السلاح وإما استدراجه بسذاجة الطفولة ومن ثم الانقضاض عليه بدم بارد خال من أية خشية من الله وخلقه، وهنا يجب التفريق بين الجريمتين، وتحديد الأحكام وعدم تفاوتها مابين قاض وآخر. لقد كثرت جرائم الاغتصاب وأصبحت مادة إعلامية خصبة للقنوات الفضائية والإعلام بمختلف أشكاله، نظرا لتنامي هذه الجريمة وليست الظاهرة، سواء تلك المسكوت عنها التي ترتكب من قبل المحارم في ظل السلطة الذكورية، وثقافة العيب والفضيحة، أو تلك التي ترتكب من قبل السائقين في ظل عدم تمكين المرأة من حقوقها في قيادة السيارة، أومن الوافدين الذين ضاقت بهم البلاد، أو من المواطنين الفاسدين سلوكاً وخلقاً، مما يقتضي إصدار قوانين صارمة ومغلظة لحماية الفئات المعرضة لهذه الجريمة، التي لا يجدي فيها السجن والجلد ولن يردع المجرمين من فاعليها إلا القتل بلا رأفة أو رحمة، خصوصاً ومجتمعنا كثيراً ما يحول الضحية إلى جان، وبالذات لو كانت امرأة! [email protected]