على رغم إبداء مثقفات في منطقة مكةالمكرمة آراء متباينة حول نوعية العقبات التي تواجه المرأة، خصوصاً المهتمات منهن بالجانبين الفكري والثقافي، إلا أنهن أبدين اتفاقاً قطعياً بوجود تحديات، فرضتها - بحسب وصفهن - عادات قبلية. وحول هذا تقول الأديبة والروائية سلوى عبدالعزيز دمنهوري في حديثها ل «الحياة»: «على رغم أننا ندندن بفتح الأبواب أمام حواء؛ إلا أن عنصرية الرجل لا تزال متجذرة في أكثر مجتمعاتنا، ما يمثل من وجهة نظري عائقاً كبيراً وأساسياً لانطلاقات المرأة وثقافتها الحقة». ولفتت إلى أنها لا تعني بهذا أن تصدّق المرأة مقولة إن العصر هو عصر المرأة، «إذ إنني أجزم أن هذه المقولة أكذوبة، وللأسف صدقت المرأة هذه الأكاذيب، وأسرفت في الظهور والاختلاط بطريقة تخالف الشرع من دون حدود، الأمر الذي جعل الرجل أكثر استخفافاً بآرائها وإن كانت على قدر كبير من الثقافة». وأشارت إلى أن الحقيقة التي يجب عدم التنكر لها هي أن الرجل هو المهيمن والسائد في كل عصر وفكرة وتقدير، فالعصر كان ولا يزال للرجل، لكنه تحت ستار تلك الأكذوبة يختفي، «حديثي ليس معمماً، لكن هناك الكثير ممن يغالون في ظهور المرأة وتحريرها ومساواتها بالرجل في كل صغيرة وكبيرة زعماً، بيد أنها ليست الحقيقة». وبعيداً من العادات والتقاليد، ذكرت استشارية برامج المرأة لبنى الغلاييني في حديثها عن تحديات أخرى تواجه المثقفين عموماً، وقالت «إنها تعتقد أن مشكلات المثقفين ذات خصوصية واحدة باختلاف المناطق، وترجع غالبيتها إلى تقبل المجتمع لرؤية المثقف التي غالباً ما تكون استباقية ومستقبلية، ما يجعله يشعر بالاغتراب عن مجتمعه، والتخوف من عدم تفهم غالبية شرائحه لأطروحاته، وبالتالي يكون مفتقداً لمشاركتهم في مشاريعه التنموية أو أطروحاته عموماً، ونتيجة لذلك يشعر بعزلة تعوقه من التيقن مما يريد المجتمع، وما القيمة المضافة التي يمكنه الإسهام بها، ويظل المأزق الحقيقي هو لغة المثقف التي يدرك ويبث بها أفكاره فهي لغة يعتقدها الآخرون لغة متعالية، في حين أنها لغة تفكيره ومنطقه، ما يحدث فجوة بينه وبين المجتمع في إيصال أفكاره بسلاسة وبساطة، فهم ليسوا قادرين على الصعود إلى منطقه، ولا هو قادر على مجاراة محدودية أطرهم الفكرية». وليس ببعيد عن أجواء العقبات، اشتكت أستاذة اللغة العربية لطيفة الحفظي - وهي مهتمة بالشأن الثقافي - من جوانب عدة وضعتها موضع العراقيل، ولفتت إلى أن «المثقفة تعاني أمام فوقية الرجل، فهو يرى آراءها تفلسفاً بما حفظت من بعض كلمات تتشدق بها عليهم، وحين المشورة يجعلونها تدلي بما في جعبتها مجاملة ولا يأخذون برأيها وإن كان هو الصواب». بدورها أرجعت إحدى المتجهات للكتابة الشعرية والنثرية سوزان الجهني أبرز الصعوبات للمثقفات، خصوصاً المبتدئات منهن إلى جوانب عدة، أهمها عدم وعي الأسرة وإدراكها لأهمية الثقافة واعتبارها من الكماليات، يبرز ذلك في عدم السماح لأبنائها بحضور الفعاليات الثقافية أو الاتجاه لهذا المجال، إضافة إلى الجانب المادي الذي يحد من قدرة المثقفة على المشاركة في حضور تلك الفعاليات التي تكون عادة برسوم، أو تحد من قدرتها على طباعة إنتاجها الفكري. وكشفت الجهني اضطرار المثقفة إلى نشر ما لديها من نصوص نثرية أو شعرية عبر مواقع «الإنترنت»، «مما ينتج من ذلك مخاطرة كبيرة بإنتاجنا، إذ إننا نكتب في الشبكة العنكبوتية بأسماء مستعارة وقد نتعرض للسرقة، وكما هو معروف عالم «النت» بلا حسيب أو رقيب»، إلا أنه على رغم سهولة النشر عبر «الإنترنت»، أضافت الجهني أن مشكلة عدم القدرة على الوصول إلى النتاج الفكري الموجود في المكتبات الأخرى في المملكة، واشتراط ذلك بالحضور، يعد من أهم الصعوبات التي تواجه المثقفات. وعلى النقيض من ذلك، ترى الطالبة الجامعية ندى الزبيدي أنه لا توجد عوائق تواجه المثقفة يمكن وصفها بالمشكلات، على اعتبار أن مجالات الثقافة ووسائلها وإمكان المشاركة فيها أصبحت مفتوحة حالياً، ومن لا يستطيع الحضور شخصياً للملتقيات الثقافية في الأندية الأدبية والأمسيات بإمكانه التواصل مع الشخصيات المراد التواصل معها بطرق أخرى عن طريق مواقعهم الشخصية ومدوناتهم، أو المواقع المتخصصة بمجالاتهم الفكرية، لافتة إلى أن جدية المثقف لها دور بارز في ذلك.