اتهمت النيابة العامة السعودية، موقع التسجيلات المرئية الأشهر (يوتيوب) بالتورط في نشر التطرف والفكر الإرهابي والتأثير على الشباب وتجنيدهم، وذلك خلال الجلسة القضائية الأولى لمحاكمة مجموعة إرهابية مكونة من 10 أشخاص، متهمين في حادثة إطلاق النار على دوريات الأمن في ضاحية لبن بالرياض عام 1436ه. ويعد موقع «يوتيوب»، الذي تأسس في شباط (فبراير) 2005 بحسب إحصاء موقع «أليكسا»، ثالث أكثر المواقع شعبية في العالم، إذ يسمح لمستخدميه برفع التسجيلات المرئية مجاناً ومشاهدتها عبر البث الحي (بدل التنزيل) ومشاركتها والتعليق عليها. وبدأت المحكمة الجزائية المتخصصة في العاصمة الرياض الأسبوع الماضي، محاكمة المتهمين (8 سعوديين ويمنيين)، الذين تلقوا تعليمات عملياتهم الإرهابية المنفذة من قيادي في تنظيم «داعش» الإرهابي عبر برنامج «يوتيوب»، ما وضع موقع التسجيل المرئي الأشهر على كرسي «الاتهام» بالترويج للفكر الإرهابي، وتجنيد إرهابيين، إضافة إلى إعطاء التعليمات والتلقين الإلكتروني. وعلى رغم محاولة برامج التواصل الاجتماعي إثبات عدم ارتباطها في نشر العنف والمحتوى المتطرف بشكل مباشر أو غير مباشر في أرواقة المحاكم الأميركية، وتبرئتها من إحداها قبل أشهر في قضيتين من تورطها بالترويج للعمل الإرهابي، إلا أن «النيابة العامة» السعودية أثبتت خلاف ذلك، إذ وجه المدعى العام في جلسة عقدتها المحكمة الجزائية المتخصصة لمحاكمة مجموعة إرهابية الأسبوع الماضي، 63 تهمة ضد عناصر المجموعة، من بينها متابعة المتهمين المستمرة عبر برنامج «يوتيوب» للمحاضرات التي يلقيها منظري التنظيم، والاستجابته للاستنفار الوارد في محاضرة تحريضية عبر موقع «يوتيوب» تحض على البذل لأجل تنظيم «داعش» الإرهابي، وذلك بقتل أي أجنبي أو أحد رجال الأمن، إضافة إلى تنفيذ تعليمات أحد زعماء التنظيم المدعو أبومحمد العدناني بإطلاق النار على رجال الأمن بقصد قتلهم ما أثبت تورط «يوتيوب» بشكل مباشر في تجنيد أحد الإرهابيين ومحاولة ارتكابه جريمة قتل رجلي أمن في عملية ارتكبت في العاصمة الرياض. بدوره، اعتبر عضو الأكاديمية الأميركية للطب الشرعي استشاري الأدلة الرقمية الدكتور عبدالرزاق عبدالعزيز المرجان المحاكمة الأخيرة للمجموعة الإرهابية دليلاً أن «يوتيوب» تسبب بشكل مباشر في تجنيد أحد الإرهابيين ومحاولة ارتكابه جريمة قتل رجلي أمن في عملية إرهابية ارتكبت في الرياض، وقال ل«الحياة»: «نفذ المتهم الأول في المجموعة الإرهابية المكونة من 10 أشخاص، عملية إرهابية باستهداف دورية أمنية بقصد قتل رجال الأمن فيها أثناء قيامهم بواجبهم في حي ضاحية لبن بمدينة الرياض بإطلاق النار من سلاح رشاش بطلقات عدة على رجلي أمن داخل الدورية باتجاه الرأس، وهو في سيارته بعد ارتكابه مخالفة مرورية بعكس السير لتنفيذ عمليته الإرهابية، إذ نفذ هذه العملية بناءً على اعترافاته استجابة وتنفيذاً للاستنفار الذي سمعه في كلمة تحريضية على «يوتيوب» في الذب عن تنظيم داعش باستهداف جنود الحكومات التي دعا لها الإرهابي أبومحمد العدناني». وأشار إلى أن ذلك دليلاً على تورط «يوتيوب» بشكل مباشر بالسماح بتخزين مواد إرهابية تطالب بقتل رجال الأمن وعدم حذفها من خوادمه، والتي ظلت فترة طويلة أسهمت بتنفيذ عملية إرهابية داخل المملكة. وأضاف المرجان: «بناءً على اعترافات المتهم الأول؛ اتضحت مساهمة «يوتيوب»، الذي سمح لتنظيم داعش بتخزين ونشر مواد الفيديو الإرهابي مساهمة مباشرة بمتابعة مستمرة من المتهم الأول للمحاضرات التي يلقيها منظري التنظيم، حتى تأثر بفكرهم وأصبح متعاطفاً ومحباً لهم ومتابعاً لكل جديد يصدر عن التنظيم، وبذلك كان «يوتيوب» النافذة التي تصل المتهم الأول في «داعش»، وأصبح منبراً للجماعات الإرهابية». وأكد عبدالرزاق المرجان أن هذه الحقائق تثبت يوماً بعد آخر أن موقع «يوتيوب» كان من العوامل الدافعة لتطرف فهو يسمح ل«دواعش» باستخدام خوادمه لتخزين مواد إرهابية تابعة للتنظيم، وأسهم مساهمة مباشرة في توفير هذه المواد الإرهابية لأكثر من 5 بلايين مستخدم للإنترنت حول العالم. المرجان: «الموقع» غير جاد في محاربة التطرف قال عضو الأكاديمية الأميركية للطب الشرعي استشاري الأدلة الرقمية الدكتور عبدالرزاق المرجان أن هذه الأدلة «تؤكد أيضاً عدم تنفيذ شركة يوتيوب استراتيجية الأممالمتحدة لمكافحة الإرهاب»، مشيراً إلى السجل الحافل للموقع في المساهمة بنشر الإرهاب، إذ «رصد تعامل «يوتيوب» مع كلمة أبوبكر البغدادي الأخيرة قبل شهرين، واتضح قيامه بإغلاق الحسابات التي تبث الكلمة، ولم تتجاوز عدد المشاهدات 500 مشاهدة خلال أربع ساعات، أي أن الحسابات المغلقة لم تكن مؤثرة، وأغلق «يوتيوب» الحساب الرئيس، الذي بث الكلمة بعد وصول عدد المشاهدات إلى 42 ألف مشاهدة بعد 18 ساعة، على رغم تلقيه طلبات عدة بإغلاق هذا الحساب وحذف المادة الإرهابية». واتهم المرجان «يوتيوب» بعدم الجدية في تطبيق استراتيجية الأممالمتحدة لمكافحة الإرهاب، وعدم الجدية في مسح المحتوى المتطرف كما تعهدت أمام العالم، مشيراً إلى دور المملكة في الضغط على الشركة المشغلة للموقع، وخصوصاً أن المملكة من أكثر الدول المتضررة من الإرهاب وتقود التحالفين العربي والإسلامي لمحاربة الإرهاب، ومن أهم أدوار هذا التحالف مواجهة الإرهاب، إعلامياً وفكرياً. وكذلك كونها عضواً في التحالف الدولي، ولديها الأدلة القاطعة على تورط الإرهابيين في تنفيذ عمليات متأثرين بشكل مباشر بما يعرض في «يوتيوب».