سجلت «حاضنات إلكترونية» حضوراً في السجل الإرهابي لعدد ممن ثبت تورطهم في عمليات إرهابية أخيرة في المملكة. وضمت الأسماء إرهابيين تم تجنيدهم عبر تلك «الحاضنات الإرهابية»، التي تسعى إلى استقطاب المؤيدين للتنظيم الأم «قاعدة الجهاد»، وتهيئتهم إلى الالتحاق بالتنظيم الإرهابي الوليد (داعش). وتسعى تلك الحاضنات أيضاً إلى احتضان أقارب المتورطين في عمليات إرهابية وتجنديهم، إضافة إلى دعوتهم إلى المشاركة في اعتصامات وتجمعات تهدف إلى المطالبة بإطلاق الإرهابيين والمؤيدين والمتعاطفين مع الإرهاب. وتنشط تلك «الحاضنات» من خلال حسابات وهمية، وبأسماء مستعارة على شبكات التواصل الاجتماعي، امتداداً للحرب الإلكترونية التي تبناها تنظيم داعش الإرهابي، وراثة عن تنظيم القاعدة. ودخلت الجماعات الإرهابية عالم الإنترنت بشكل فردي، من خلال استخدام خدمة البريد الإلكتروني عام 1995، استناداً إلى ما ذكرته حملة «السكينة»، وفي عام 1997 تم إنشاء أول جماعة إرهابية جهادية. وفي 1999 انطلق «الجهاد الإلكتروني» بحسب ما أسموه، من خلال الطلاب المتعاطفين، وأنشأ «القاعدة» أول موقع له عام 2000. أما في 2003 فحدث تحول لدى «القاعدة»، إثر إطلاق المواقع الإلكترونية من داخل المملكة. والتحول الكبير لعملها كان عام 2004 مع انطلاقة «فيسبوك»، وتطور مع «الطائر الأزرق» موقع التواصل الاجتماعي الأشهر «تويتر»، وذلك عام 2006، حتى استطاعوا استقطاب 30 ألف إرهابي من 100 دولة، للانضمام إلى مناطق الصراع في سورية والعراق، وتشجع المتعاطفين على ارتكاب أنشطة إرهابية في بلدانهم، بحسب تقرير صادر من الأممالمتحدة. وفي عام 2015 تم استخدام برانامج «تليغرام». وقال خبير الأدلة الرقمية والأمن الإلكتروني الدكتور عبدالرزاق عبدالعزيز المرجان، في تصريح إلى «الحياة»: «يهدف (داعش) إلى تحويل المملكة إلى منظومة من الخلايا العنقودية، تحت تنظيم وتوجيه مركزي من سورية. وتشير القراءات إلى أن المنظمات الإرهابية تتبع استراتيجيتين رئيستين لتحقيق أهدافها باستخدام المجتمع الافتراضي والإنترنت استراتيجية طويلة المدى، والأخرى قصيرة». وأوضح المرجان أن الأولى وهي استراتيجية مهمة لهذه الجماعات، عبارة عن «خلق حاضنات إلكترونية لاستهداف فئة معينة من المجتمع، تمر بظروف معينة من طريق إنشاء مواقع في (فيسبوك) و(تويتر)، مثل صفحة (اعتقال) في (تويتر)، التي تم إنشاؤها عام 2011، ويتابعها 11.900 متابع. ويوجد لها موقع في (يوتيوب) لنشر الأكاذيب والمعلومات المغلوطة»، لافتاً إلى أن هذه الصفحة تهتم بأخبار الموقوفين أو المحكومين المتورطين بالعمليات الإرهابية في المملكة. وأضاف المرجان: «تقوم هذه الحاضنات الإلكترونية باحتضان زوجات وأبناء وبنات وأقارب وإخوان وأخوات الإرهابيين، واحتضان المتطرفين فكرياً ومؤيدي الجماعات الإرهابية، إضافة إلى زرع الحقد والغل والرغبة في الانتقام من رجال الأمن والدولة، وغرس مبدأ الظلم في الدولة، وعدم العدل وعدم الثقة في الجهات الحكومية، وأخيراً تهيئتهم للالتحاق ب(داعش)»، مؤكداً أن من أهم الأدوار التي تلعبها هذه الحاضنات «استقطاب المؤيدين ل(لقاعدة)، وتهيئتهم للالتحاق ب (داعش)». أما الاستراتيجية القصيرة المدى فأوضح أنها «تُستخدم لتحقيق هدف محدد وفي وقت محدد، بعد مرحلة الشحن والتهيئة التي تقوم بها الحاضنات الإلكترونية، يتم تحديد هدف لتنفيذه، ومنها حملة (فكوا العاني)، التي تطالب بإطلاق الإرهابيين والمؤيدين والمتعاطفين مع الإرهاب. وكانت نتيجة هذه الاستراتيجية تحويل الهالك يوسف السليمان إلى الإرهاب وتنفيذه عملية تفجير مسجد قوات الطوارئ في عسير. والهالك الآخر عادل المجماج، الذي سبق إيقافه لعلاقته في أحد التجمعات، التي حدثت في القصيم، وكانت تطالب بإطلاق سراح الإرهابيين والمؤيدين لهم». وأشار المرجان إلى حملة «أنفر»، التي بدأت في 20 نيسان (أبريل) 2016، ودعمها «القاعدة»، التي وصفها الإرهابيون بأنها «الحملة الأضخم في بلاد الشام». ولكنها فشلت ولم تجد لها رواجاً. وأضاف المرجان: «تمت هذه الحملة برعاية مركز دعاة الجهاد، بقيادة التكفيري عبدالله المحيسني، لتجنيد آلاف الشباب للانضمام إلى مواطن الصراع، والالتحاق في جبهة النصرة».