توصل نائب الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي مع أحزاب المعارضة في تكتل «اللقاء المشترك» الى اتفاق على وقف التصعيد في الأزمة السياسية الراهنة وتأجيل البحث في مسألة انتقال السلطة فوراً الى نائب الرئيس (في غياب الرئيس علي عبد الله صالح للعلاج في السعودية) والتي طرحتها قيادات المعارضة في الاجتماع الذي عقد أمس في منزل هادي واستمر نحو ساعة ونصف الساعة باعتبارها الخيار الأمثل لتجنيب اليمن المزيد من التداعيات، وبما يتماشى مع بنود المبادرة الخليجية. وفي حين أصدر «اللقاء المشترك» بياناً بعد اللقاء أكد انه جرى «طرح الآراء بشفافية ووضوح وبروح عالية من المسؤولية الوطنية حول الأوضاع الراهنة في البلاد وسبل ووسائل الخروج من الأزمة المتفاقمة التي تهدد أمنها واستقرارها والوحدة الوطنية، وحول طبيعة الطرق الكفيلة باحتواء تداعياتها وتهدئة الأوضاع أمنياً وإعلامياً كخطوة على طريق السير في العملية السياسية التي تحقق تطلعات الشعب اليمني بكافة قواه السياسية والاجتماعية والمدنية والشبابية»، أكدت مصادر ديبلوماسية غربية في صنعاء ل «الحياة» أن السفير الأميركي في اليمن جيرالد فايرستاين لعب دوراً محورياً في عقد الاجتماع أمس بين هادي وقيادات في حزب «المؤتمر الشعبي العام» الحاكم وبين قيادات المعارضة عبر اتصالات مكثفة أجراها في الأيام الأخيرة مع كل الأطراف بهدف اتفاق الطرفين على احتواء الأزمة عبر المفاوضات في ضوء تدهور الأوضاع الأمنية والاقتصادية والسياسية في شكل خطير. وقالت هذه المصادر إن لدى الولاياتالمتحدة الأميركية وشركائها الدوليين مخاوف حقيقية من انزلاق اليمن الى الفوضى وانهيار الأوضاع الأمنية بما يمكن العناصر الإرهابية في تنظيم «القاعدة» من توسيع دائرة نفوذها ونشاطها في عدد من المحافظات اليمنية في إطار المواجهات العنيفة التي تخوضها مع وحدات من الجيش اليمني في محافظة أبين (جنوب اليمن)، بعدما نجحت في إحكام سيطرتها على بعض المناطق ولا سيما مدينة زنجبار (عاصمة المحافظة) التي تحولت الى مسرح حرب فعلية منذ نهاية الشهر الماضي. وفي هذا السياق قال الناطق الرسمي باسم أحزاب «اللقاء المشترك» محمد قحطان ل «الحياة» إن نائب الرئيس دعا قيادة المعارضة خلال اللقاء الى العمل معاً في هذه الفترة الحرجة من تاريخ اليمن على تهدئة الأوضاع الأمنية والسياسية وإعادة الاعتبار والهيبة للدولة والسيطرة على حال الانفلات المتفشية في بعض أنحاء البلاد. وأضاف قحطان أن هادي تحدث بوضوح حول مختلف القضايا الراهنة، وقال مخاطباً قيادات المعارضة: «أمامنا تحديات كبيرة وخطيرة لجهة الحفاظ على اليمن كياناً موحداً ومستقراً، فإما نكون أو لا نكون». وتابع: «شعرنا بحجم المسؤولية وثقل أعباء المرحلة الراهنة التي يتحملها هادي الذي شدد أكثر من مرة على أهمية التعاون بين الجميع لإخراج اليمن من المأزق وإلا فإن القادم سيكون أسوأ مما نتوقع». وأوضح قحطان: «اتفقنا جميعاً، نحن والنائب هادي ومن حضر من قيادة الحزب الحاكم، على تقويم الموقف الراهن وضرورة تكاتف كل الجهود وبكل جدية وصدق لتجاوز التداعيات وإخراج البلد من الانفلات الأمني واتخاذ خطوات للتهدئة كمقدمة ضرورية للسير بالعملية السياسية من دون إبطاء». الى ذلك، تطابقت المعلومات الواردة من محافظة أبين حول حشد تنظيم «القاعدة» المئات من عناصره، وربما الآلاف، بعد استدعائهم من مختلف المحافظات اليمنية للمشاركة في القتال ضد القوات الحكومية في زنجبار ولودر وجعار، بهدف إحكام السيطرة عليها ومنع القوات الحكومية من استعادتها. وأكدت مصادر متطابقة في أبين ل «الحياة» أن هناك عناصر غير يمنية يقاتلون في صفوف «القاعدة» بينهم مصريون وسعوديون وأفارقة وآسيويون، وقالت إن روايات لشهود ونازحين من سكان زنجبار أكدت هذه المعلومات. وقالت السلطات الرسمية إن بين قتلى «القاعدة» في أبين عناصر تنتمي الى محافظات أخرى منها مأرب وصنعاء والبيضاء وشبوة ومناطق يمنية أخرى، مشيرة الى أنها تحشد تعزيزات إضافية في محيط زنجبار تمهيداً لاقتحام المدينة حيث استمرت الاشتباكات بصورة متقطعة أمس وسقط فيها تسعة قتلى.