أعرب نواب من الحزبَين الرئيسيَن في بريطانيا، المحافظين والعمال، عن خشيتهم من محاولة الحكومة التهرّب من عرض خطتها للانسحاب من الاتحاد الأوروبي (بريكزيت) على مجلس اللوردات، ومنعه من ممارسة صلاحياته في تعديل جزء كبير من مشروع قانون طرحته رئيسة الوزراء تيريزا ماي في هذا الصدد. وتصاعدت ضغوط على رئيس حزب «العمال» جيريمي كوربن ليتخذ موقفاً واضحاً ويعلن صراحة تأييده البقاء في السوق المشتركة في القارة. وبرزت جبهة موحدة من النواب المعارضين للخروج من السوق المشتركة، تضمّ الحزبين إضافة إلى حزبَي «الوطني الإسكتلندي»، و «الديموقراطيين الأحرار»، لطرح الثقة بالحكومة إذا استمرت في محاولتها. واتفق هؤلاء على تقديم طلب إلى رئيس مجلس العموم (البرلمان) البريطاني جون بيركاو لمناقشة خطة ماي، في ما يتعلّق بالبقاء في الاتحاد الجمركي والسوق المشتركة، وإجراء تعديلات على خطتها في مجلس اللوردات. معلوم أن رئيسة الوزراء تفضّل مناقشة هذه الخطة في البرلمان، حيث تتمتع بغالبية ضئيلة، على أن تناقشها أمام اللوردات حيث يشكّل المحافظون أقلية وبعضهم صوّت ضدها في السابق. ويخشى الوزراء المعنيون ب «بريكزيت» تعديل الخطة، ما يعرقل المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي ويضعف أكثر موقف ماي. وتعتمد محاولة ماي لتمرير خطتها، على إعلان المملكة المتحدة العام الماضي «قانون الجمارك»، ما يعني أن عرضه على مجلس اللوردات ليس ضرورياً. لكن النواب المعارضين يؤكدون أن الإعلان نوقش في البرلمان وبات تحت بند «ضريبة التبادل التجاري عبر الحدود»، لذلك تجب مناقشته وتعديله حيث أمكن. الى ذلك، طالب 80 مسؤولاً عمالياً كوربن بأن يؤكد، في خطاب يلقيه اليوم، تأييده البقاء في السوق المشتركة، لكي يستطيع إقناع المواطنين بقدرته على تنفيذ تعهده تأمين موارد أكثر للمستشفيات والخدمات الاجتماعية والمدارس. وأتى طلب هؤلاء في رسالة نشرتها أمس صحيفة «ذي أوبزرفر»، وقعها نواب ولوردات ورؤساء بلديات ومسؤولون في نقابات العمال، وأكدوا فيها أن «تطبيق العدالة الاجتماعية والامتناع عن الغرق في التقشف، يحتمان البقاء في السوق المشتركة التي تؤمن دخلاً يُقدر بعشرات البلايين من الجنيهات». ويُتوقع أن يؤكد كوربن خلافاً بين «العمال» و «المحافظين» في ما يتعلق ب «بريكزيت»، ويتيح للنواب المتمردين على سياسة ماي في حزبها الانضمام إلى زملائهم من الحزب «الوطني الاسكتلندي» والنواب المحافظين المؤيدين للاتحاد الأوروبي و «الديموقراطيين الأحرار»، لتشكيل جبهة ضد رئيسة الحكومة في البرلمان. واعتبر موقعو الرسالة أن البقاء في الاتحاد الجمركي خطوة إلى أمام، مستدركين أنها لا تكفي لإعلان حزب العمال موقفاً واضحاً من «بريكزيت». وطالبوا كوربن بدعم مطلب البقاء في السوق المشتركة، ما سيُضطر الحكومة للخضوع للتصويت في البرلمان. ووَرَدَ في رسالتهم: «انضمام النواب المحافظين المتمردين مرتبط بموقف الحزب من السوق المشتركة، فإذا أعلن كوربن صراحة أنه مع هذا الخيار، سنشكل معاً قوة برلمانية تُرغم الحكومة على تغيير نهجها في ما يتعلّق بالخروج من الاتحاد الأوروبي». وتابعت أن «الدول الأوروبية التي لا تنتمي إلى الاتحاد انضمت إلى السوق المشتركة، وأعلنت بروكسيل أن هذا الخيار مطروح أمامنا، وهذا السبيل الوحيد الذي يمكّننا من مواصلة الإفادة من الاتفاقات القائمة مع بروكسيل». إلى ذلك، دعا اللورد كريس باتن إلى مناقشة خطة ماي للخروج من الاتحاد، مؤكداً أن بريطانيا لن تستطيع تعويض خسائرها من «بريكزيت»، من خلال علاقات تجارية جديدة خارج التكتل.