واجهت حكومة المحافظين البريطانية برئاسة تيريزا ماي، عاصفة من الانتقادات في البرلمان، بعد طرحها مشروعاً لإلغاء القوانين الأوروبية ليتماشى مع قرار الانسحاب من الاتحاد الأوروبي (بريكزيت). تزامن ذلك مع محادثات أجراها قادة المعارضة البريطانية في بروكسيل أمس، مع ميشال بارنييه كبير المفاوضين الأوروبيين في شأن «بريكزيت». ووصفت مصادر الحكومة البريطانية المحادثات بأنها في إطار مهمة ل «تقويض بريكزيت»، فيما تصاعدت الخلافات بين ماي والأوروبيين حول التكاليف الباهظة للانسحاب والتي قُدرت بما لا يقل عن مئة بليون يورو، إضافة إلى تباين المواقف حول حقوق المواطنين الأوروبيين في بريطانيا، والعكس. وعلى رغم انقسامات داخل حزب المحافظين وتجاذبات مع سائر الأحزاب في البرلمان، رفضت رئيسة الوزراء البريطانية التكهن بفترة بقائها في السلطة بعدما خسرت غالبيتَها البرلمانية في انتخابات الشهر الماضي. وقالت ماي في حديث إلى «هيئة الإذاعة البريطانية» (بي بي سي): «ما زلت أرى الكثير الذي نحتاج إلى عمله. وأنا كرئيسة للوزراء أريد أن استمر في هذا العمل الذي يغير حياة الناس إلى الأحسن». وأقرت بأنها «ذرفت دمعة» عندما كشفت نتائجُ أولية لانتخابات 8 حزيران (يونيو) الماضي، أنها خسرت غالبيتها البرلمانية، وقالت إنها شعرت أنها «محطمة» لأن البريطانيين خذلوها بعدما دعتهم إلى أن يمنحوها تفويضاً قوياً للتفاوض على الخروج من الاتحاد الأوروبي. ونشرت الحكومة البريطانية أمس، مشروع قانون ينهي رسمياً عضويتها في الاتحاد الأوروبي كما يلغي أسبقية القوانين الأوروبية. ويتوقع أن يواجه المشروع صعوبات في البرلمان. وورد في مقدم مسوّدة «مشروع قانون الخروج من الاتحاد» التي أتت في أكثر من 60 صفحة، أن قانون المجتمعات الأوروبية لعام 1972، وهو حجر الزاوية قانونياً في عضوية بريطانيا في الاتحاد، «سيلغى يوم الانسحاب»، المقرر بعد سنتين من بدء مفاوضات «بريكزيت». وتهدف المسودة التي عرفت أيضاً ب «قانون الإلغاء»، إلى إدراج قوانين أوروبية كما هي، أو بعد تعديلها، ضمن القانون البريطاني، وهي مهمة هائلة، نظراً إلى كمّ كبير من الأحكام المختلفة موجود حالياً. ويفترض أن تتيح المسودة لبريطانيا مواصلة أعمالها في شكل طبيعي بعد خروجها فعلياً من الاتحاد، الأمر الذي يفترض أن يحصل في آذار (مارس) 2019. وقال وزير الدولة لشؤون «بريكزيت» ديفيد ديفيس، إن مشروع القانون «يتيح لنا الخروج بالحد الأقصى من اليقين والاستمرارية والسيطرة». وناشد جميع النواب العمل مع الحكومة لإنجاح المشروع. لكن معارضة شديدة برزت في وجه اقتراحات الحكومة. وأكد زعيم الديموقراطيين الأحرار تيم فارون رفضها في شكل قاطع، فيما أكد وزير شؤون «بريكزيت» في حكومة الظل السير كير ستارمر، أن حزب «العمال» لن يؤيد مشروع القانون في شكله الحالي. وأجرى ثلاثة قادة سياسيين بريطانيين محادثات في بروكسيل أمس، مع المفاوض الأوروبي ميشال بارنييه، تناولت «بريكزيت». والثلاثة هم زعيم حزب العمال جيريمي كوربن ورئيسة الحكومة (المحلية) في اسكتلندا نيكولا ستيرجن ونظيرها في ويلز كاروين جونز. ووصفت مصادر إعلامية قريبة من «المحافظين» رحلة الثلاثة إلى بروكسيل بأنها «مهمة لتقويض بريكزيت». غير أن كوربن تعهد بعد المحادثات مع بارنييه السعي إلى حماية الوظائف ومستوى المعيشة في بريطانيا، وأن تفي لندن بالتزاماتها المالية حيال أوروبا واحترام حقوق المواطنة من الجانبين والتوصل إلى اتفاق يبقي على أكبر مقدار ممكن من الشراكة بين لندنوبروكسيل. وجددت ستيرجن الطلب من الاتحاد ابقاء امتيازات اسكتلندا التجارية مع أوروبا أياً تكن نتيجة المفاوضات بين بريطانيا والاتحاد، لكن بارنييه شدد على عجزه عن تقديم ضمانات إلى أدنبره بمعزل من نتيجة التفاوض مع لندن.