بدأ مجلس اللوردات البريطاني مناقشة مشروع قانون الانسحاب من الاتحاد الأوروبي في نص يفترض أن يثير نقاشات حادة، بعدما دعا الحكومة إلى مراجعة بنوده التي تسمح بمواصلة المملكة المتحدة العمل في شكل طبيعي بعد إنجاز الانفصال (بريكزيت) في 29 آذار (مارس) 2019، وينهي تفوق القانون الأوروبي على القانون الوطني البريطاني. وعلى رغم أن البرلمان أقرّ النص في 17 الشهر الجاري، طالبت اللجنة الدستورية في مجلس اللوردات، في تقرير نشرته الاثنين، رئيسة الوزراء تيريزا ماي بتغييرات كبيرة، معتبرة أن «مشروع القانون في صيغته الحالية يتضمن ثغرات كبيرة». وانتقدت اللجنة اقتراح الحكومة «نسخ» قوانين أوروبية، باعتباره «سيؤدي إلى حالات غموض والتباس على صعيد الدستور»، علماً أن أعضاءً في مجلس اللوردات يبدون قلقهم من منح الوزراء سلطات واسعة في مجال التشريع «لأنها أكبر من المقبول دستورياً». ورد ناطق باسم الحكومة بأن التقرير «سيُدرس بعناية». وأضاف: «تعهدنا منذ البداية العمل مع البرلمان، وسنواصل ذلك مع اللوردات». وذكرت صحيفة «تليغراف» أن الحكومة تستعد لتقديم تنازلات، وتعدّ تعديلات جديدة لخفض عدد الذين قد ينشقون عنها خلال عمليات التصويت في البرلمان الذي تسيطر عليه غالبية مؤيدة لأوروبا. وفي دليل جديد على تزايد الانقسام داخل حزب المحافظين بزعامة ماي، انضم 50 متبرعاً يُعتمد عليهم في نشاطات الحزب وحملاته الانتخابية، إلى نواب يطالبون رئيسة الوزراء بالتنحي. وأوردت صحيفة «تايمز» أن المتبرعين «أبدوا عدم رضاهم عن سياسات ماي وطالبوها بالتنحي لأنها أضعفت البلاد خلال المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي، وكذلك الحزب قبل الانتخابات المحلية المقررة في أيار (مايو) المقبل، ما يفسح في المجال أمام هيمنة حزب العمال على البلديات». إلى ذلك نشر موقع «باز» الأميركي ثلاثة سيناريوات يفترض أنها سرية تتداولها حكومة ماي، وتؤكد كلها أن وضع بريطانيا الاقتصادي «سيكون أسوأ» في حال تطبيق بريكزيت من دون اتفاق مع بروكسيل، خصوصاً على صعيد الدخل القومي الذي «سيكون أقل بنسبة 8 في المئة، وأقل 5 في المئة إذا حصل اتفاق على حرية التبادل التجاري، وأقل 2 في المئة إذا أتفق على بقاء لندن عضواً في السوق المشتركة». وأشار الموقع إلى أن «هذا الضعف في الدخل سيمتد 15 سنة. ولم تعلق الحكومة على هذه السيناريوات، لكن مصادر الرسمية شددت على أن ماي تفضل اتفاقاً يحافظ على «شراكة قوية مميزة» مع الاتحاد الأوروبي، شرط أن توافق لندن على اقتراحات الاتحاد. وتوضح السيناريوات أن أكثر القطاعات تضرراً بالخروج من الاتحاد الأوروبي ستكون الصناعات الكيماوية والألبسة والمأكولات والمشروبات والسيارات. وستتأثر كل المناطق البريطانية سلباً بما فيها إرلندا الشمالية التي ستعاني أكثر من غيرها. ويقول مؤيدو البقاء في الاتحاد الأوروبي أن السيناريوات ليست مفاجئة لهم، بل تتطابق مع توقعاتهم، لذا يسعون إلى الحفاظ على عضوية السوق المشتركة. وطالب النائب العمالي كريس ليزلي بنشر وثائق السيناريوات التي «يبدو أنها تحرج الحكومة، لذا ترفض نشر أي تحليل إلى ما بعد بريكزيت».