أكّدت تركيا عزمها على مواصلة عملية «غصن الزيتون» في عفرين شمال غربي سورية، على رغم إصرار قوات رديفة تابعة للنظام على الانتشار في المنطقة. وألمحت أنقرة إلى تواصل غير مباشر مع استخبارات النظام السوري، نظراً إلى «الوضع الاستثنائي» في عفرين. أما في غوطة دمشقالشرقية، فتواصلت حملة القصف العنيف، ما أدّى إلى ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 300 شخص على الأقل خلال الأيام الثلاثة الماضية، وفق ما أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، واصفاً الهجوم الذي تشنّه القوات النظامية ب «الإبادة». ودعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى وقف الضربات التي حوّلت الغوطة «جحيماً على الأرض» بالنسبة إلى المدنيين. وقال أمام مجلس الأمن أمس: «أوجه نداء إلى كل الأطراف المعنيين من أجل تعليق فوري للأعمال الحربية كافة في الغوطة الشرقية لإفساح المجال أمام وصول المساعدة الإنسانية إلى جميع من يحتاجون إليها». كما دعا مفوض الأممالمتحدة لحقوق الإنسان زيد رعد الحسن إلى وقف «حملة الإبادة الوحشية» في الغوطة الشرقية، فيما طالب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بهدنة في المنطقة التي تعتبر المعقل الأخير للفصائل المعارضة قرب دمشق، وندد بشدة بهجوم النظام على المدنيين. ودخلت القاهرة على خط الوساطة، وأعلنت الخارجية المصرية بذل مساعيها واتصالاتها مع كل الأطراف المعنية بالأزمة السورية من أجل إيجاد مخرج للوضع الإنساني المتأزم في الغوطة الشرقية. وأعربت الخارجية المصرية في بيان عن «قلق مصر العميق من التطورات الأخيرة في منطقة الغوطة، وتداعياتها الخطرة على الأوضاع الإنسانية وأوضاع المدنيين». ولفت البيان إلى إدانة مصر أي قصف للمناطق المدنية في الغوطة ودمشق وسائر أنحاء سورية. وأجرى رمزي عز الدين نائب المبعوث الدولي إلى سورية محادثات أمس مع ألكسندر فومين نائب وزير الدفاع الروسي. ونقلت وكالة «تاس» عن وزارة الدفاع الروسية، أن «الجانبين بحثا خطوات إضافية لتنفيذ قرارات مؤتمر الحوار السوري في سوتشي»، وأكدا ضرورة تفعيل الجهود لتشكيل اللجنة الدستورية. غير أنّ مصادر في موسكو ذكرت أن المسؤول الأممي نقل إلى العاصمة الروسية قلق الأممالمتحدة على العملية السياسية نتيجة التصعيد في الغوطة الشرقية المدرجة ضمن مناطق «خفض التوتر»، وفق مسار آستانة. ووجه سيرغي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسي انتقادات إلى الدور الأميركي في سورية، متهماً واشنطن ب «ازدواجية المعايير» في القضايا الإنسانية. ورداً على سؤال حول إمكان التوصل إلى هدنة في الغوطة، أشار إلى بحث مسألة الهدنة الإنسانية في الأممالمتحدة، وذلك «في إطار العمل على مشروع قرار دولي في هذا الشأن». وأعلنت وسائل إعلام رسمية سورية دخول «دفعة ثانية» من «القوات الشعبية» إلى منطقة عفرين أمس، فيما توعّد إبراهيم قالن الناطق باسم الرئاسة التركية، بأن هذه القوات «ستكون هدفاً مشروعاً» لقوات بلاده في حال دعمت الأكراد في المعركة التي يقودها الجيش التركي بدعم من «الجيش السوري الحر». وأكّد قالن أن بلاده ليست لديها اتصالات رسمية مباشرة مع النظام السوري، لكنه أضاف: «يمكن مؤسساتنا المعنية، وأقصد هنا أجهزتنا الاستخباراتية، الاتصال مباشرة أو في شكل غير مباشر معه في ظروف استثنائية لحل مشكلات معينة عند الضرورة»، وفق ما نقلت عنه وكالة «الأناضول». وفي وقت أصرّت تركيا على أن «طلقاتها التحذيرية» أجبرت قافلة «القوات الشعبية» على الانسحاب خارج عفرين الثلثاء، أكّد الأكراد و «المرصد»، إضافة إلى قيادي في التحالف الداعم للنظام، انتشار عدد من هذه القوات في عفرين أمس. وشدّد ريزان حدو الناطق باسم «وحدات حماية الشعب» الكردية، على أن «القوات الشعبية دخلت عفرين بنجاح، على رغم قصف المدفعية التركية». ولفت «المرصد» إلى أن القوات الرديفة للنظام السوري بدأت انتشارها منذ ليل الثلثاء- الأربعاء، على «خطوط التماس» مع قوات عملية «غصن الزيتون». وقال قائد في التحالف العسكري المؤيد لدمشق لم يكشف عن هويته، إن القوات تراجعت بعد تعرّضها لإطلاق النار ثم استأنفت تقدمها وهي الآن في عفرين. وحضّت روسيادمشق على بدء حوار مع الأكراد. وقال وزير الخارجية سيرغي لافروف إن على «الحكومة السورية أن تسترشد بمبدأ السيادة على كامل أراضيها. وهذا ما يعني ضرورة الحوار مع كل ممثلي المجموعات العرقية والدينية، بمن فيهم الأكراد». كما جدّد في شكل غير مباشر دعوة تركيا إلى الحوار مع النظام السوري، قائلاً: «لا بد لجميع اللاعبين الخارجيين، من دون استثناء، خصوصاً أولئك الموجودين في سورية، من الاعتراف بالحاجة إلى بدء الحوار مع الحكومة السورية».