على وقع فشل محادثات فيينا في إحداث أي انفراجة في الأزمة السورية التي تشهد تصعيداً ميدانياً على جبهات عدة، خصوصاً مع انهيار اتفاق وقف النار في الغوطة الشرقية لدمشق قبل بدء تطبيقه، تعرّض مؤتمر «الحوار الوطني السوري» إلى انتكاسة تمثلت بإعلان «هيئة التفاوض» المعارِضة مقاطعته، فيما أعلنت روسيا أن المؤتمر سيقترح «تصويتاً شعبياً» على مستقبل سورية. وبدا التصعيد الميداني انعكاساً مباشراً للمواجهة السياسية المفتوحة بين أطراف عدة، في ظلّ تصعيد تركي – أميركي على مسار معركة «غصن الزيتون» (راجع ص3). وتمسّكت روسيا بعقد «مؤتمر سوتشي» في موعده غداً على رغم إعلان «هيئة التفاوض» عدم المشاركة فيه، فيما أعلنت الأممالمتحدة حضور المبعوث الخاص إلى سورية ستيفان دي ميستورا المؤتمر غداة تلقي الأمين العام أنطونيو غوتيريش «تطمينات» روسية بأن «سوتشي» لن يسعى إلى «تهميش» مسار جنيف. وبعد تخفيض موسكو سقف التوقعات من المؤتمر الذي ترعاه «الدول الثلاث الضامنة» (تركيا وإيران وروسيا)، أعلنت وكالة الأنباء الروسية أن الاجتماع سيدعو الشعب السوري إلى تقرير مستقبله في تصويت شعبي «من دون أي ضغوط خارجية». وكشفت الوكالة أن مسودة بيان المؤتمر ستطالب ببقاء سورية «دولة موحدة»، وستدعو إلى إجراء «تصويت على مستقبل البلاد». وتفيد المسودّة بأن «الشعب السوري يحدّد مستقبل بلاده ديموقراطياً من خلال التصويت». ولم تحقق جولة تاسعة من المحادثات برعاية الأممالمتحدة تقدماً يذكر بعد سقوط وقف النار في الغوطة الشرقية بعد ساعات من إعلانه، بعدما تعرضت المنطقة التي تحاصرها القوات النظامية إلى قصف أدى إلى سقوط قتلى وجرحى أمس. وبموازاة المعارك شمال سورية، واصلت أنقرة تصعيد لهجتها تجاه واشنطن، بعدما طالبتها بسحب قواتها من مدينة منبج الخاضعة لسيطرة المقاتلين الأكراد «فوراً»، فيما دخل الهجوم التركي على عفرين أسبوعه الثاني مع ضربات جوية جديدة وقصف مدفعي. وفي الوقت ذاته، أعلنت الرئاسة التركية أن الولاياتالمتحدة «تعهّدت بعدم تسليم أسلحة إلى وحدات حماية الشعب الكردية في سورية»، وذلك في اتصال بين هربرت ماكماستر، مستشار الرئيس الأميركي لشؤون الأمن القومي وإبراهيم كالين الناطق باسم الرئيس التركي، فيما لم يصدر تعليق أميركي على الإعلان التركي بعد. وفي مؤشر إلى تصميم أنقرة على توسيع عمليتها إلى منبج والحدود العراقية، طالب وزير الخارجية التركي مولود جاويتش أوغلو الولاياتالمتحدة بسحب قواتها «فوراً» من المدينة التي تبعد نحو 100 كيلومتر شرق عفرين. واستؤنفت المعارك أمس بين القوات التركية و «وحدات حماية الشعب» في شمال غربي عفرين، وذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن «الضربات الجوية مستمرة لكن بوتيرة أقل كثافة بسبب رداءة الطقس». وأفاد بأن «المواجهات أوقعت منذ السبت الماضي أكثر من 110 قتلى في صفوف المقاتلين السوريين الموالين لتركيا وصفوف وحدات حماية الشعب الكردية، إضافة إلى مقتل 38 مدنياً غالبيتهم في قصف تركي». ووفق أنقرة التي تنفي قصف المدنيين، فإن ثلاثة جنود أتراك قتلوا وأصيب 30 مدنياً منذ بدء العملية العسكرية. وسقطت صواريخ عدة أطلقت من سورية على مدن حدودية تركية خصوصاً كيليس والريحانية، ما أوقع أربعة قتلى منذ بدء العملية.