عُقد في لبنان للمرة الأولى منذ سنوات اجتماع موسع للقيادات السياسية المارونية برعاية البطريرك الماروني بشارة الراعي من أجل البحث في الخطوات للحد من بيع الأراضي المملوكة من المسيحيين وإعادة التوازن الى الإدارات العامة في الدولة اللبنانية من خلال مشاركة المسيحيين فيها تحقيقاً لمبدأ المناصفة والكفاءة. وإذ حضر الاجتماع النواب الموارنة ال36 في البرلمان ورؤساء الأحزاب الرئيسة، وفي طليعتهم الأقطاب الموارنة، الرئيس السابق أمين الجميل، العماد ميشال عون، سمير جعجع وسليمان فرنجية، فإن أهمية الاجتماع تكمن في أنه جمع للمرة الأولى هذا العدد من القادة الموارنة، المختلفين بعضهم مع بعض والموزعين على قوى 8 و14 آذار، بعد اجتماع المصالحة قبل زهاء شهر ونصف الشهر بين الأقطاب الأربعة بدعوة من الراعي. وفيما يطلق هذا الاجتماع آلية لتوحيد موقف القادة الموارنة من التحديات المطروحة على الطائفة، عبر لجنة متابعة تشكلت لمعالجة موضوعي بيع الأراضي والخلل في اشتراك المسيحيين في إدارات الدولة، وعقد اجتماعات موسعة أخرى، شدد البطريرك الراعي في مداخلة خلال الاجتماع على مبدأ فصل الدين عن الدولة. وبينما تجنب الاجتماع الماروني الموسع الغوص في القضايا السياسية بعد أن اقترح جعجع مناقشة الوضع السياسي، وفضّل البطريرك الراعي تركه لاجتماعات لاحقة، اعتبر الأخير الاجتماع «إيجابياً ومثمراً». وتزامن الاجتماع مع تصاعد الاهتمام اللبناني والديبلوماسي الأجنبي في بيروت بالإجراءات التي ستتخذ بعد غد الأحد لتفادي أي مواجهة بين الجيش الإسرائيلي والناشطين الفلسطينيين المشاركين في مسيرة العودة لمناسبة ذكرى النكسة (حرب حزيران/ يونيو 1967) في الجنوب، بعد المجزرة التي حصلت في ذكرى النكبة في 15 أيار (مايو) الماضي وأدت الى استشهاد عدد من الشبان وإصابة زهاء 100 آخرين برصاص الجيش الإسرائيلي. وفيما ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية أن إسرائيل وجّهت تحذيراً شديداً للبنان وسورية إزاء السماح للمشاركين في مسيرة الأحد المقبل بالوصول الى الشريط الحدودي في الجنوب والجولان، واتخذ الجيش الإسرائيلي تدابير استنفار عالية، علمت «الحياة» أن الجيش اللبناني اتخذ رزمة تدابير متشددة سينفذها بدءاً من مساء اليوم بإقامة حواجز تفتيش ونقاط مراقبة وتسيير دوريات مؤللة، ستتكثف تدريجاً وتكون مشددة بدءاً من فجر الأحد لإخضاع كل من يزور الجنوب للتفتيش ومنع المواكب الكبيرة. وذكرت مصادر مطلعة أن السلطات اللبنانية مصممة على منع تكرار ما حصل في 15 أيار الماضي، وأن حركة «أمل» و «حزب الله» على علم بهذه التدابير في إطار قرار لاستيعاب التحرك في ذكرى النكسة منعاً لاستغلال إسرائيل أي خلل. ورجحت المصادر أن يقتصر التجمع الذي دعا إليه ناشطو مسيرة العودة، على تظاهرة في بلدة الخيام المشرفة على الحدود اللبنانية – الإسرائيلية بدلاً من مارون الراس القريبة جداً من الشريط الحدودي. وكانت قيادة الجيش على تواصل دائم مع قيادة قوات الأممالمتحدة (يونيفيل) من أجل إبلاغها بالتدابير التي تنوي اتخاذها لضمان عدم تكرار ما حصل عبر السيطرة على تحرك الناشطين وعبر ضبطه من قبل الجهة الراعية له. وعلى صعيد الخلافات الداخلية، استمر التباين على دعوة رئيس البرلمان نبيه بري الى جلسة نيابية تشريعية في 8 حزيران (يونيو) بين قوى 8 و14 آذار، إذ إن الأخيرة تعتبرها غير دستورية في ظل استقالة الحكومة. وعلمت «الحياة» أن قادة قوى 14 آذار عقدوا اجتماعاً ليل أول من أمس أكدوا فيه رفضهم حضور الجلسة، مقابل إصرار بري عليها، وأكدوا دعمهم لاقتراح تفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان عبر توقيع مرسوم جوال من ثلثي أعضاء الحكومة بالتجديد له. ونقلت مصادر رئيس الجمهورية ميشال سليمان عنه تأييده لهذا المخرج طالما أن لا توافق على عقد الجلسة النيابية. وتفاقم الخلاف بعد أن وزع بري مشروع جدول أعمال الجلسة الذي يضم 49 بنداً، واصدر نائب رئيس البرلمان وأعضاء مكتب المجلس (أكثريته من قوى 14 آذار) بياناً انتقدوا خطوة بري هذه واعتبروها «طعنة للممارسة الديموقراطية لأن الأنظمة تنيط إقرار جدول الأعمال بمكتب المجلس الذي رفض عقد الجلسة» وبالتالي لم يقر الجدول المقترح من بري. وفي المقابل واصل المعاون السياسي لبري النائب علي حسن خليل والمعاون السياسي للأمين العام ل «حزب الله» حسين الخليل تحركاتهما المكوكية لمعالجة العقبات أمام تأليف الحكومة فالتقيا وزير الطاقة جبران باسيل ثم اجتمعا مع بري. ونقل زوار الرئيس سليمان عنه قوله إن التحرك الأخير الجاري من أجل إنجاز الحكومة جدي، وأن لا تغيير في تركيبتها أي من 30 وزيراً. وينتظر أن يلتقي الخليلان الرئيس المكلّف نجيب ميقاتي للتداول معه في ما توصلا إليه مع باسيل لجهة توزيع الحقائب التي كان حصل خلاف عليها، تمهيداً للانتقال الى البحث بالأسماء. من جهة ثانية، اجتمع الرئيس الجميل مساء أمس مع رئيس «جبهة النضال الوطني» النيابية وليد جنبلاط للبحث في التطورات السياسية، وهو أول لقاء بينهما منذ أشهر.