شارك قائد الجيش الباكستاني الجنرال قمر جاويد باجوا، وممثلون عن الولاياتالمتحدة وحلف الناتو، في مؤتمر لمواجهة تصاعد الإرهاب، في العاصمة الأفغانية. ويكتسب وجود باجوا أهمية خاصة، مع مواصلة واشنطنوكابول الضغط على باكستان، لتوقف توفير ملاذ آمن لعناصر حركة «طالبان». كما يبحث المؤتمر الذي تشارك فيه أوزبكستان وكازاخستان، سبل مكافحة تجارة المخدرات المزدهرة في المنطقة. وبالتزامن، تحدّث مراقبون عن إجراء مسؤولين أفغان جولتين على الأقل من محادثات سرية مع حركة «طالبان»، بعد شهر من هجمات دموية أوقعت 200 قتيل في كابول. ويعكس استمرار اتصالات غير علنية، رغبة في إبقاء الباب مفتوحاً للمصالحة، على رغم رفض الرئيس الأميركي دونالد ترامب أي مفاوضات مع الحركة، وخلافات بين الحكومة الأفغانية وحليفتها الأبرز واشنطن، في شأن استراتيجية تنهي الحرب التي دخلت عامها السابع عشر. وكانت القوات الأميركية شنت غارات مكثفة على مواقع الحركة، وهاجمها الرئيس ترامب غاضباً، رافضاً «الحوار معها»، معتبراً أن «الوقت لا يزال مبكراً لذلك». وأشار مواكبون للمحادثات للسرية إلى أن رئيس المخابرات الأفغانية معصوم ستانيكزاي، ورئيس الأمن القومي محمد حنيف أتمار يتابعان، كلٌّ على حدة، التواصل مع «طالبان». لكن المشكلة تكمن في رفض الحركة التفاوض مع «المجلس الأفغاني الأعلى للسلام»، الذي أنشأته الحكومة لإجراء محادثات سلام معها. وأكد حكيم مجاهد، ممثل «طالبان» لدى الأممالمتحدة، خلال فترة حكم أفغانستان التي انتهت عام 2001، أن ستانيكزاي على اتصال منتظم مع ممثل الحركة في محادثات السلام، الملا عباس ستانيكزاي، وبينهما تشابه في الأسماء فقط. وأضاف أن الحركة لن تلتفت إلى تهديدات ترامب، «لأن لغة القوة والتهديد لن تقنع الأفغان بالاستسلام». وأكد معصوم، من منزله المحصن والمحاط بالحراس في كابول، سعيه لأن يكون جسر حوار بين الحكومة و»طالبان». وهو يتنقل بين العاصمة، حيث يحاور الحكومة الأفغانية، وتركيا، حيث يلتقي «رفاقه» السابقين. وعَكَس تعرّضه لإطلاق نار في مدينة كراتشي الساحلية، جنوبباكستان، عام 2010، رغبة في ضرب جهود تسوية سلمية للحرب. وكان معصوم عضواً في مجلس شورى الحركة، حتى العام 2010، وتعرّض ل 12 محاولة اغتيال، بعد دعوته إلى مفاوضات سلام مع الحكومة الأفغانية، عارضتها الحركة ووكالة الاستخبارات المركزية الباكستانية، المتهمة بدعم «طالبان». وتتهم أفغانستان جارتها بإيواء عناصر «طالبان»، لدعم نفوذها ومواجهة ما تعتبره تأثيراً متزايداً للهند في كابول، وتنفي باكستان هذه الادعاءات. لكن غالبية عناصر «طالبان» الذين دعوا إلى محادثات سلام تهدد بتهميش نفوذها، قُتلوا أو أجبروا على مغادرة البلاد. في المقابل، تشكو باكستان من سماح أفغانستان لمسلحين مناهضين لها باستخدام أراضيها، والسماح للهند باستخدام أراضيها لزعزعة استقرار المنطقة. وجمّدت الولاياتالمتحدة مساعدات عسكرية كانت مقررة لباكستان، للضغط عليها كي تطرد مسلحي «طالبان» من أراضيها، مع تأكيدها أن في إمكان إسلام أباد لعب دور محوري في وقف الحرب الأفغانية. وأشارت تقارير إلى أن حركة «طالبان» أحكمت سيطرتها على غالبية الأراضي الأفغانية، وذكرت المفتشية الأميركية الخاصة بإعمار أفغانستان أن أكثر من نصف مساحة البلاد بات تحت السيطرة المباشرة لطالبان، أو تحت نفوذها، ما دفع البيت الأبيض إلى منع نشر تقارير مماثلة، وإعادة تقييم أداء القوات العسكرية الأفغانية وقدراتها.