نشأ توتر حاد بين باكستانوالولاياتالمتحدة في أعقاب اتهام الرئيس الأميركي دونالد ترامب باكستان بأنها «ملاذ لعملاء الفوضى الإرهابيين، وتنفذ لعبة مزدوجة يجب أن تتخلى عنها فوراً لأنها ستخسر كثيراً»، ملوحاً بقطع المساعدات الاقتصادية والعسكرية عنها. أتى ذلك خلال إعلان الرئيس الأميركي استراتيجيته حول أفغانستان الأسبوع الماضي. وبعدما أرخى تصعيد ترامب ضد باكستان بظله على المشهد، إضافة الى تصريح الجنرال جون نيكلسون، قائد القوات الأميركية في أفغانستان، بأن «قادة حركة طالبان الأفغانية موجودون في مدينتي بيشاور وكويتا الباكستانيتين»، ومطالبة السفير الأميركي السابق في كابول زلماي خليل زاده إدارة ترامب بقصف أراضي باكستان ووضعها في لائحة الدول المساندة للإرهاب، ردت إسلام آباد بإعلان تأجيل زيارة وفد أميركي برئاسة مساعدة وزير الخارجية لشؤون جنوب آسيا أليس وايلز. وأبلغ مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية «الحياة» بأنه «بناء على طلب من حكومة باكستان أرجئت زيارة الوفد الأميركي الى موعد يناسب الجانبين». لكنه استدرك أن «واشنطن تدرك أهمية الدور الإقليمي لباكستان، وهي مستعدة لمساعدة باكستان في محاربة التنظيمات الإرهابية، شرط أن تختار نهجاً جديداً يبدأ بوقف تصرفهم السلبي الذي يؤذي مسار المفاوضات في أفغانستان». وأمل المسؤول بضغوط باكستانية أكبر على حركة «طالبان» الأفغانية لإحضارها الى طاولة المفاوضات. الى ذلك، أرجأ وزير الخارجية الباكستاني خواجا آصف زيارة مقررة الى واشنطن بدعوة من نظيره الأميركي ريكس تيلرسون من أجل «احتواء الخلاف الأميركي- الباكستاني»، وأعلن انه سيزور الصين وموسكو وإيران، الدول الثلاث التي تعارض السياسة الأميركية في أفغانستان. وخاطب قائد الجيش الباكستاني الجنرال قمر جاويد باجوا قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال جوزف باتيل خلال لقاء بينهما، قائلاً: «لا نحتاج إلى أموالكم، بل الى الاعتراف بالتضحيات التي قدمتها باكستان في الحرب على الإرهاب والخسائر التي تحملتها». وعكس ذلك عدم اكتراث باكستان بالتهديدات الأميركية، لأسباب عدة بينها تحسن اقتصادها في شكل كبير خلال العامين الماضيين، وتوقع استمراره في السنوات المقبلة على رغم الأزمة السياسية التي أدت إلى عزل رئيس الوزراء المنتخب نواز شريف. ويدعم ذلك الاستثمارات الصينية التي تجاوزت 56 بليون دولار والتي ستحسن نمو اقتصاد باكستان، وتقليص اعتمادها على القروض الخارجية، وكذلك نجاح أجهزة الأمن في القضاء إلى حد كبير على الجماعات المسلحة، ما زاد استقرار الأمن الداخلي. كما تمسك باكستان بورقة ضغط على القوات الأميركية وكابول تتمثل في أن 70 في المئة من واردات أفغانستان وأكثر من 95 في المئة من إمدادات القوات الأميركية تعبر أراضيها، ما يقوي أيضاً موقف باكستان الداعي الى عدم إشراك الهند في الحل الأفغاني خشية إحاطة باكستان بفكي كماشة. وأيضاً يدعم اعتراف الولاياتالمتحدة بفشل الحكومة الأفغانية وأجهزتها الأمنية واستشراء الفساد المالي والإداري في أجهزة الدولة، موقف باكستان، ويقلل من فرص نجاح قواتها التي فشلت في وقف تقدم مقاتلي «طالبان» حتى لدى نشرها 150 ألف عسكري. ويرى مراقبون أن الولاياتالمتحدة الغاضبة من باكستان لا تملك ما تهدد به إسلام آباد حالياً، كما أن باكستان ليست في وارد مواجهة الولاياتالمتحدة، ما سيجبر كلا البلدين على العمل لتهدئة الأمور وإيجاد نقاط مشتركة يتعاون فيها الطرفان لإيجاد حل لقضية أفغانستان. وعلى رغم اتهامها بدعم «طالبان» الأفغانية فإن باكستان لا تريد أن تصل الحركة إلى سدة الحكم بسبب تداعيات ذلك عليها، لكنها لن تقبل أيضاً باستمرار حكومة موالية للهند في كابول تفسح في المجال أمام جماعات انفصالية باكستانية للعمل في الأراضي الأفغانية.