الزنتان (ليبيا) - رويترز - كان محمد في الخامسة والأربعين من عمره ويعمل ضابطاً في الشرطة عندما بنى منزله وانتقل إليه من الكهف الذي نشأ فيه. والآن عاد إلى الكهف وهو متقاعد يبلغ من العمر 74 سنة ومعه أسرة مؤلفة من 12 فرداً بحثاً عن مأوى من قصف قوات الزعيم الليبي معمر القذافي العشوائي لبلدة الزنتان الواقعة تحت سيطرة المعارضة. تعرضت مشارف الزنتان الواقعة عند الطرف الشرقي للجبل الغربي الذي تسيطر عليه المعارضة للقصف مراراً منذ اندلاع الانتفاضة ضد القذافي في شباط (فبراير). وفر أكثر من 40 ألفاً من المنطقة الجبلية وخلال الاسبوع المنصرم اقترب القصف من وسط الزنتان حيث مركز قيادة المعارضة المسلحة. واعتادت الآن عائلات في الزنتان على النوم في خنادق تحت الأرض. وقد عاد بعضها الى الكهوف التي عاش فيها أجدادها من قبل والمنحوتة في حي عيال هدية الجبلي في الزنتان. وزاد شعور العودة بالزمن للوراء جراء انقطاع الكهرباء خلال الأيام القليلة الماضية في معظم أنحاء الجبل الغربي. وبات العديد من العائلات يعتمد على الآبار في الحصول على الماء وعلى الشموع في انارة المنازل. وهناك نقص بالفعل في امدادات الغذاء والوقود التي تصل عبر معبر حدودي واحد مع تونس تسيطر عليه المعارضة على بعد أكثر من 200 كيلومتر من الزنتان. وتقول عائشة زوجة محمد «لا يريد أحد أن يعيش بهذه الطريقة»، مضيفة وهي تجلس على وسائد في الكهف الذي توفر جدرانه الباردة نوعاً من الراحة لها من حرارة الجو في الخارج: «القصف شديد. ذهب أبنائي للقتال وجئنا الى هنا». وتسيطر قوات القذافي على السهول الصحراوية وأقرب نقطة لتمركزها هي الرياينة على بعد ما بين عشرة و15 كيلومتراً من وسط بلدة الزنتان. وبعد فرض الحظر الجوي على ليبيا والذي يشرف حلف شمال الاطلسي على تنفيذه، تصارع قوات القذافي لاستعادة السيطرة على المنطقة من المعارضة. ولجأت قوات القذافي لقصف المناطق التي تسيطر عليها المعارضة بصواريخ غراد على ما يبدو. ويصيب بعضها منازل ولكن معظمها يسقط في الصحراء في تكتيك لا يحقق مكاسب عسكرية تذكر. ويقول سكان إن قوات القذافي تستخدم المباني المدنية كدروع. ومن سطح منزله قال رجل اكتفى بذكر اسمه الاول وهو أحمد انه شاهد اطلاق نيران المدفعية وسط منازل قرب مسجد وخزان مياه في الرياينة وهي مواقع يجري اختيارها لتفادي تعرضها لغارات جوية من طائرات حلف شمال الاطلسي. وتابع: «نرى ذلك بكل وضوح... بخاصة أثناء الليل». ويقول بعض قادة المعارضة ان انقطاع الكهرباء وتزايد القصف يشيران إلى هجوم بري وشيك تستعد قوات القذافي لشنه على الزنتان. ويعتقد آخرون أن قوات القذافي غير قادرة على السيطرة على الزنتان مثلما تعجز المعارضة عن التقدم صوب العاصمة الليبية طرابلس على بعد 150 كيلومتراً الى الشمال الشرقي. وقال فتحي الاياب أحد أفراد المعارضة المسلحة في الزنتان عن امكان شن القذافي هجوماً برياً: «لا أعتقد أن هذا هو التكتيك... بل الهدف هو زيادة معاناة الناس وترويعهم حتى يفروا الى تونس». وسافرت زوجته وابنه البالغ من العمر تسعة شهور الى تونس قبل عشرة أيام. لكن لا يخطط كثير من الرجال في الزنتان للرحيل. وقال خالد الزنتاني (25 سنة) الذي انتقل الى كهف للفرار من القصف الذي يتعرض له الحي الذي كان يقيم به «عندما نسمع النداء من المسجد نتجه على الفور الى خط الجبهة». ويطهو هو وشقيقه الطعام على نار يستخدمان الخشب في اشعالها ويسحبان الماء من بئر قريب. وتابع «لن نرحل من هنا وسنموت هنا».