بلغراد - أ ف ب، يو بي آي – قدم ميلوس سالييتش، محامي القائد العسكري السابق لصرب البوسنة راتكو ملاديتش الذي تنتظر محكمة الجزاء الدولية تسلمه لمحاكمته بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية خلال حرب البوسنة بين عامي 1992 و1995، وأهمها مجزرة سريبرينيتسا عام 1995 حين قتل 8 آلاف رجل وفتى من المسلمين البوسنيين، طلب استئناف أمام المحكمة الخاصة الصربية لجرائم الحرب من أجل تأخير متابعة الإجراءات قليلاً وعدم نقله على الفور. وارتكز طلب الاستئناف على الحال الصحية الجسدية والنفسية لملاديتش الذي اعتقل الخميس الماضي بعد مطاردة استمرت 16 سنة في قرية تبعد نحو مئة كيلومتر عن بلغراد، إذ طلب محاموه تشكيل فريق طبي مستقل يضم متخصصين في القلب والأعصاب والطب النفسي لفحصه. قال سالييتش: «الحال الصحية لملاديتش تنذر بالخطر، إذ انه مريض جداً وقد لا يعيش ليرى بداية محاكمته في لاهاي». وزاد: «كل شيء في يد المحكمة الصربية الآن. لكنني أخشى عدم ارتباط أمر التسليم بها وحدها بل بأشخاص وعدوا بتحقيق معجزة وأرادوا نقله الى لاهاي في أسرع وقت، ويؤكدون قدرته على المثول أمام القضاء». في المقابل، أعلن برونو فيكاريتش الناطق باسم المدعي العام الصربي لمحكمة جرائم الحرب أن الدفاع يتبع «استراتيجية تسويف، إذ إن المشاكل التي يعاني منها ملاديتش عادية بالنسبة الى الأشخاص في سنه ولا يعتنون بصحتهم، ولم يكترث بها حين كان مختبئاً». وأول من أمس، تظاهر القوميون الصرب في بلغراد للاحتجاج على «الخيانة» التي مثلها اعتقال السلطات لملاديتش الذي يعتبر بالنسبة إليهم آخر شخصية قومية صربية من تسعينات القرن العشرين لا تزال حرة، وعسكرياً مخلصاً لم يسعَ الى تحقيق الثراء لنفسه من الحرب. وأكد ابنه داركو في كلمة أن والده ليس مجرماً ولم يصدر أوامر القتل. لقد دافع عن شعبه بطريقة شريفة ونزيهة ومهنية». وشهدت التظاهرة صدامات محدودة بعد رشق عشرات الشبان رجال الشرطة بحجارة لفترة وجيزة وأطلقوا قنابل دخانية. وتحدثت حصيلة رسمية عن إصابة 43 شخصاً بجروح طفيفة بينهم 32 شرطياً، واعتقال الشرطة 180 متظاهراً لبوا دعوة الحزب الراديكالي الصربي (القومي المتشدد). كما تظاهر آلاف من رفاق ملاديتش معظمهم من صرب البوسنة في كالينوفيك (جنوب شرقي البوسنة)، مسقط رأس الزعيم العسكري السابق، من أجل إدانة «مأساة» توقيفه. ودعا وزير الداخلية الصربي ايفيتسا داسيتش الى الحفاظ على «السلام والنظام العام»، وقال إن «صربيا مع كل المشاكل التي تواجهها في غنى عن حوادث يمكن أن تعرض سلامها واستقرارها للخطر». وأضاف: «ينضم أحياناً بضع مئات الأشخاص من أنصار اليمين والموالين للفاشية، والذين يؤيدون التظاهرات للتسبب بفوضى». ويشكل اعتقال ملاديتش خطوة مهمة لمحاولة صربيا الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وجاء قبل أسابيع من الموعد الذي حدده سيرج براميرتز كبير مدعي محكمة جرائم الحرب في لاهاي التابعة للأمم المتحدة تقريراً لمجلس الأمن عن التقدم الذي حققته صربيا في اتجاه اعتقال ملاديتش. على صعيد آخر، روى الشرطي الفرنسي جان رينيه رويز الذي تولى لست سنوات بين عامي 1995 و2001 تنسيق جمع الأدلة لحساب المحكمة الدولية لكل القضايا المرتبطة بمجزرة سريبرينيتسا، أن التحقيق كان «أشبه باكتشاف بطيء لعالم مرعب، بدءاً بجمع شهادات الناجين وانتهاء باكتشاف مقابر جماعية في مناطق وعرة محاطة بألغام، وانتشال بقايا بشرية «مثل نفايات». وأضاف: «شعرنا أننا نرى أشياء اعتقدنا بأنها انتهت في أوروبا منذ محرقة اليهود خلال الحرب العالمية الثانية»، مؤكداً انه عمل بجدية كبيرة وأجرى تحقيقاً للاتهام والدفاع معاً. وشدد على أن التلاعب بأي دليل سيؤثر في صدقية الملف كله.