«بلاد الصباح الهادئ» تحتضن الألعاب الأولمبية مجدداً بدءاً من اليوم. فبعد مرور 30 سنة على الاحتفالية الصيفية في سيول، تنظّم بيونغ تشانغ المنافسات الشتوية ال23، على بعد 80 كيلومتراً من الحدود مع «الشمال» الحاضر في أكثر من مجال، والذي استقطبت «أزمته السياسية» الأضواء، فوجد في الألعاب فترة التقاط أنفاس لترتيب أوراقه الدولية والتصدّي للحصار والعقوبات واستراتيجيا فرض نفسه قوة نووية بالأمر الواقع... ما عُدّ بالتالي تقارباً ظرفياً ومناورة ناجحة لخفض التوتر وتبديد مخاوف في شبه الجزيرة المقسّمة، علماً أن كوريين جنوبيين كثراً يعتبرون أن الحضور الشمالي بما فيه الفرق الفنية والسياحية و «جيش الجميلات» مموّل من جيوبهم، وكانت السلطات سخية جداً تجاهه «فخطف الألعاب». هكذا غدا الأولمبياد في الطرف الجنوبي واجهة غير مباشرة لبيونغيانغ التي فُرشت لها «السجادة الحمراء»، فأوفدت 22 رياضية ورياضياً وشُكِّل فريق مشترك في الهوكي على الجليد للسيدات. وسيختتم طابور عرض الافتتاح اليوم بوفد مشترك (للمرة الرابعة في تاريخ الأولمبيادات)، مع حضور وفد شمالي بارز يضم كيم يو جونغ شقيقة الزعيم كيم جونغ أون، وهي المرة الأولى التي يذهب فيها عضو من عائلة كيم إلى الجنوب. كما سيلتقي رئيس كوريا الجنوبية مون جاي - ان الوفد. على إيقاع «تمنيات السلام» وتبعات التنشّط الروسي الممنهج والأجواء الجليدية (دون 20 درجة مئوية تحت الصفر) المشابهة لمناخ ساد في ألعاب ليليهامر عام 1994، واستخدام جيل فائق من التقنيات الرقمية، تنطلق الدورة التي قاربت تكاليفها 13 بليون دولار. وسيخوض المنافسات حوالى 3 آلاف رياضي من 92 بلداً (رقم قياسي) يتبارون على الذهبيات ال102 التي ستوزّع في 15 رياضة شتوية (بدأت أمس تصفيات القفز والكورلينغ). والتوقعات كبيرة بالنسبة إلى مجموعة من النجوم، في مقدمهم المتزلجتان الأميركيتان ميكايلا شيفرين وليندسي فون، بينما السؤال الكبير في التزحلق على الجليد مركّز على ما إذا كان «أمير الجليد» الياباني يوزورو هانيو تعافى تماماً من إصابة وقادراً بالتالي على الاحتفاظ بلقبه. وخلف الكواليس، لا يزال التخبّط مهيمناً في ما يتعلّق بقضية التنشط الروسي التي تلقي بظلالها مرة أخرى، بعدما عكرت أجواء الألعاب الشتوية عام 2014 والصيفية عام 2016. وبعدما فرضت حظراً شاملاً على الرياضيين الروس بسبب فضيحة التنشّط المنظم الذي ترعاه الدولة الروسية، فتحت اللجنة الأولمبية الدولية «ثغرة» للسماح لأكثر من 168 روسياً «نظيفاً» بالمشاركة في الألعاب تحت علم محايد، مانحة الأمل لرياضيين روس آخرين بالحصول على فرصة الوجود في الألعاب من خلال الاستئنافات القانونية. وإذ كان المسؤولون الأولمبيون سعداء بحل مشكلة الجار الشمالي، كانوا يتمنون لو تختفي أزمة الرياضيين الروس، لا سيما في ضوء التجاذبات منذ الأحد الماضي، وتأجيل محكمة التحكيم الرياضي قرارها النهائي في شأن الذين استأنفوا رفض مشاركتهم إلى اليوم. وكان المدير السابق للوكالة الدولية لمكافحة المنشطات ديك باوند، اعتبر أن قضية التنشّط الروسي أضرت بشدة بصدقية الحركة الأولمبية، واللجنة الدولية «لم تفشل فحسب في حماية الرياضيين النظيفين، بل جعلت من الممكن للغشاشين أن يسودوا على حسابهم»..