قرر رئيس حكومة جنوب السودان سلفاكير ميارديت، تعليقَ المحادثات مع الخرطوم في شأن القضايا العالقة المرتبطة بترتيبات استقلال الجنوب، الى حين سحب القوات الشمالية من منطقة أبيي المتنازع عليها، لكنه استبعد العودة إلى الحرب مع شمال السودان بسبب أبيي. وقال سلفاكير للصحافيين في جوبا، عاصمة جنوب السودان الذي سيصبح دولة مستقلة في التاسع من تموز (يوليو) المقبل: «لن نعود إلى الحرب. لن يحدث هذا». لكنه دعا جيش شمال السودان - الذي بسط سيطرته على أبيي يوم السبت الماضي - إلى سحب قواته من المنطقة المتنازع عليها. في المقابل، أعلن الجيش السوداني أمس أنه سيبدأ اعتباراً من الأسبوع المقبل عملية إجلاء بالقوة لكل القوات الجنوبية الموجودة في شمال البلاد (منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان) موجهاً رسالة إلى القوات المعنية لتنفذ انسحاباً كلياً إلى الجنوب قبل الموعد المحدد. وتحتفظ «الحركة الشعبية لتحرير السودان» بآلاف المقاتلين من أبناء الولايتين الشماليتين في الجيش الجنوبي وسيجرى لاحقاً ترتيب أوضاعهم، إذ عرضت الخرطوم استيعابهم في الجيش لكن لا يزال مقاتلون جنوبيون موجودين في الولايتين. وقال قائد هيئة أركان القوات المشتركة من القوات الشمالية الفريق عصمت عبدالرحمن وهو يخاطب تظاهرة طالبية تجمعت أمام مقر القيادة العامة للجيش في الخرطوم إن القوات الجنوبية الموجودة شمال حدود 1956 عليها الانسحاب فوراً. وأضاف: «سنبدأ الأسبوع المقبل عملية تطهير واسعة لكل القوات الموجودة في الشمال لأن وجودها أصبح غير شرعي». وأشار إلى أن الجيش جاهز لرد أي عدوان من دون الرجوع إلى القيادة السياسية بعد أن أخذ تفويضاً بالرد من الرئيس عمر البشير. وأضاف موجهاً خطابه إلى «الحركة الشعبية لتحرير السودان»: «نحن دعاة سلام لكن إذا أردتموها مواجهة فنحن جاهزون لأية مواجهة». الى ذلك، قال وزير التعاون الإقليمي في حكومة الجنوب دينق ألور، إن السيطرة على أبيي من قبل الخرطوم اغلقت الباب امام الحوار في جميع القضايا العالقة المتبقية وترتيبات ما بعد الاستفتاء، المرتبطة بالديون الخارجية، والجنسية، والنفط، والاصول، والمياه والعملة. وأضاف: «لن نتحاور على الإطلاق، كما لنا الحق في وقف تصدير النفط عبر الشمال». ورفض ألور دعوة حزب المؤتمر الوطني الحاكم الى التفاوض في شأن الأزمة الأخيرة في أبيي، وقال إن على الحزب الحاكم أن يتحاور مع الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، موضحاً أن سلفاكير ابلغ الوسيط الافريقي تابو مبيكي، مطالبته بسحب القوات الشمالية من أبيي فوراً، مشيراً الى أن مبيكي طلب من سلفاكير تهدئة الاوضاع وعدم القيام بأي ردة فعل الى حين حل المشكلة. وحذّر من ان «الحركة الشعبية لتحرير السودان» الحاكمة في الجنوب، سيكون لديها خيارها لو استمر الامر كما هو، ولم يتحرك مجلس الأمن والاتحاد الأفريقي. واعتبر اعتراف الرئيس عمر البشير بإغلاق الحدود مع الجنوب أسبوعاً بمثابة رسالة قوية الى الجنوب، مفادها عدم رغبة الشمال في بناء علاقات تجارية جيدة مع الدولة الجديدة، وقال ان اولويات دولة الجنوب الوليدة ستكون تسهيل حركة تجارة دول شرق افريقيا الحدودية مع الجنوب، لتفادي عمليات اغلاق حدود من الشمال مستقبلاً، لافتاً الى أن «الجنوب بدأ بطريقة جادة الاتجاه جنوباً الى أثيوبيا وكينيا وأوغندا ودول شرق أفريقيا، لا سيما بعد ازمة الحصار الاقتصادي الاخيرة، وحتى لا نضيع الوقت». ورأى أن «عملية إغلاق الحدود سيتضرر منها الشمال أكثر، باعتبار أن الجنوب يمثل سوقاً كبيرة للشمال». وفي السياق ذاته، اتهم وزير الإعلام في حكومة جنوب السودان بارنابا بنجامين، الجيشَ الحكومي الشمالي بنقل الآلاف من أبناء قبيلة المسيرية العربية إلى منطقة أبيي. وقال للصحافيين، إن جيش الشمال يحرك الآن آلافاً من أفراد قبيلة المسيرية العربية إلى قرى قبيلة دنكا نقوك الافريقية في أبيي. وفي الشأن ذاته، حذر الامين العام للأمم المتحدة بان كي مون، من صعوبات تواجه إعلان استقلال جنوب السودان بصورة سلمية، جراء التصعيد العسكري والسياسي الحالي بين شريكي اتفاق السلام، ودعا أمام قمة مجلس السلم والامن الطرفين الى العمل على التوصل الى تفاهمات حول ترتيبات ما بعد الاستفتاء، لاسيما الحدود والديون، مطالباً بالوقف الفوري للعمليات العسكرية في أبيي.