تشهد منطقة أبيي المتنازع عليها بين شمال السودان وجنوبه توتراً ونذر مواجهات بعدما بات إجراء استفتاء متزامن مع استفتاء الجنوب لتحديد مستقبل المنطقة مستحيلاً. واتهم الجيش الشمالي نظيره الجنوبي بحشد قوات في المنطقة لإشعال فتيل حرب فيها، في وقت افتتح رئيس حكومة إقليمجنوب السودان سلفاكير ميارديت قصراً رئاسياً سيكون مقراً لرئيس الدولة الوليدة، قبل 26 يوماً من الاستفتاء على تقرير مصير الإقليم. وقال الناطق باسم القوات المسلحة السودانية المقدم الصوارمي خالد سعد إن قوة كبيرة من «الجيش الشعبي لتحرير السودان» الذي يسيطر على الجنوب دخلت بالدبابات وسيارات عسكرية منطقة أبيي المتنازع عليها بين شمال السودان وجنوبه، موضحاً أن القوة التي دخلت المنطقة لا يُستهان بها، وتسعى إلى تعطيل الاستفتاء وإشعال فتيل الحرب فيها. وأضاف أن «الجيش الشعبي» دخل أبيي بقوة كبيرة قوامها عشر دبابات و15 سيارة، واعتبر الخطوة تطوراً خطيراً يمكن أن يُشعل حرباً جديدة في المنطقة. لكن رئيس حكومة منطقة أبيي دينق اروب كوال نفى اتهامات القوات الشمالية. وقال إن الجيش السوداني هو الموجود داخل حدود أبيي، وناشد الأممالمتحدة الاطلاع على ما يحدث في المنطقة. كما نفى الناطق باسم «الجيش الشعبي» العقيد فيليب اقوير ما أورده الناطق باسم القوات الشمالية، وقال إن ما ذكر غير صحيح. وفي تطور متصل، أوقفت الشرطة الاتحادية في الخرطوم، مدير شرطة أبيي لوكا دينق واودعته الحبس بتهمة تجنيد أبناء قبيلة الدينكا نقوك الافريقية التي تقيم في أبيي من دون علم قيادته. وانتقد أعضاء منبر استفتاء أبيي أمر الإيقاف وطالبوا بإطلاق سراحه فوراً، بينما أعلنت قبيلة المسيرية العربية أن «مجتمع الدينكا نقوك» نفّذ تهديداته بمنع القبيلة من الرعي في أراضيه اعتباراً من الشهر الجاري، وكُشِفَ عن حادثتي اطلاق نار على أبقار القبيلة العربية، الأمر الذي نفته إدارة منطقة أبيي في شدة. واستنكر «منبر استفتاء أبيي»، في بيان، توقيف وحبس مدير شرطة أبيي لوكا دينق، واعتبر الإجراءات التي تمت بحقه غير صحيحة. وذكر المنبر أن مدير شرطة أبيي عُيّن من رئاسة الجمهورية وبموافقة وزير الداخلية الاتحادي ووزير الداخلية في حكومة الجنوب، ما يمنع وزارة الداخلية الاتحادية من اتخاذ قرار في حقه في شكل منفرد، وأكد ان وجوده قيد الحبس ليس في مصلحة الوضع الأمني في المنطقة. إلى ذلك، دشّن رئيس حكومة جنوب السودان الفريق سلفاكير ميارديت القصر الرئاسي في جوبا عاصمة الاقليم الذي سيكون مقراً لأول رئيس للدولة الجديدة في حال انفصال الاقليم، ووصف نائب رئيس حكومة الجنوب رياك مشار المناسبة بالمهمة والعظيمة، لا سيما أنها تتزامن مع الاستفتاء على حق تقرير المصير الذي سيجرى في التاسع من كانون الثاني (يناير) المقبل. وقال مشار إن القصر الرئاسي هو مكان لإقامة رئيس حكومة الجنوب وإن الكثيرين يعلمون ما يمكن أن تُفضي إليه عملية الاستفتاء، لذلك «هذه المناسبة تبدو مهمة وجعلت من الضروري أن يكون لنا قصر رئاسي». وشهد حفلة افتتاح القصر الرئاسي نواب الرئيس السوداني السابقون جوزيف لاقو وموسس مشار وجورج كنقور، وبدأت حكومة الجنوب ترتيبات استعداداً لمالآت ما بعد الاستفتاء بعدما بات استقلال الجنوب مسألة وقت. وفي الخرطوم، أجرى المبعوث الرئاسي الأميركي إلى السودان سكوت غرايشن محادثات مع رئيس مفوضية الاستفتاء محمد ابراهيم خليل ركزت على ترتيبات اجراء الاستفتاء، وقال غرايشن ان مرحلة تسجيل الناخبين للاستفتاء انتهت بسلام واتسمت العملية بشفافية وحرية، ورأى أن اجراء الاستحقاق في موعده بات ممكناً. من جهة أخرى توجه الرئيس السوداني عمر البشير أمس إلى أديس أبابا، في القمة الفيديرالية العالمية التي تستضيفها العاصمة الإثيوبية. ورافق البشير وفد ضم وزيري شؤون رئاسة الجمهورية بكري حسن صالح والخارجية علي كرتي. ويشارك في القمة ممثلون عن عدد من الدول الأوروبية التي تعتمد النظام الفيديرالي، وستناقش القمة الفيديرالية كنظام للحكم وسيتم الاستماع إلى تجارب الدول التي تعمل بها. لكن البشير اعتذر عن المشاركة في قمة البحيرات المعقودة في العاصمة الزامبية لوساكا اليوم الثلثاء على رغم تلقيه دعوة من نظيره الزامبي. وقال الناطق باسم الخارجية معاوية عثمان خالد إن وزير الخارجية سيقود وفد السودان المشارك في القمة الأفريقية المعقودة لمناقشة قضايا المعادن في منطقة البحيرات وأفريقيا. على صعيد آخر، أعلنت ثمانية فصائل دارفورية عبر مؤتمر في لندن تشكيل تحالف جديد باسم قوى المقاومة السودانية في دارفور. وأشارت الفصائل في بيان صحافي الى أن التحالف الجديد سيجتمع في ليبيا الأسبوع المقبل قبل التوجه الى قطر لإجراء محادثات مع الوساطة الأممية الأفريقية في شأن أزمة دارفور. وقال البيان إن التحالف جاء تلبية لنداء الرئيس الليبي معمر القذافي لتوحيد حركات دارفور. ودعا البيان الفصائل الدارفورية الى الانضمام إلى تحالف عريض للمقاومة الدارفورية. ووقع البيان كل من: محمد بحر عن «حركة العدل والمساواة»، والهادي عجب الدور عن «جبهة القوى الثورية المتحدة»، وبابكر عبدالله ومحجوب حسين عن «حركة التحرير والعدالة»، ومالك محمد يوسف عن «الجبهة المتحدة للمقاومة»، و «حركة العدل والمساواة - جناح إدريس أزرق»، و «حركة تحرير السودان - جناح خميس عبدالله»، و «جبهة القوى الثورية الديموقراطية» برئاسة عبدالعزيز أحمد دفع الله. لكن الخرطوم قللت من التحالف الجديد واعتبرته «مجموعات متنافرة» ليس لها وجود على الارض وسيؤدي الى تعقيد أزمة دارفور ولا يساعد على تسويتها.