تنتهي اليوم الاحد مهلة الحملات للانتخابات الرئاسية السورية المقررة في الثالث من حزيران (يونيو)، والتي لا يواجه فيها الرئيس بشار الأسد أي منافسة فعلية، وتنظر اليها المعارضة والدول الغربية على انها "مهزلة". وستنظم هذه الانتخابات التي تأتي في خضم النزاع الدامي في البلاد منذ اكثر من ثلاثة اعوام، في المناطق التي يسيطر عليها النظام ذات الهدوء النسبي مقارنة مع مناطق سيطرة المعارضة، التي تتعرض لقصف متواصل من القوات النظامية كما تشهد معارك يومية. وامتلأت شوارع العاصمة السورية اليوم بصور الرئيس الأسد، يرتدي في بعضها بزات رسمية، ويظهر في البعض الآخر من دون ربطة عنق او بزي عسكري مع نظارتين شمسيتين، مبتسماً او رافعاً يده لإلقاء التحية. اما المرشحين الآخرين، ماهر حجار وحسان النوري، فبدت صورهما خجولة مقارنة بعدد صور الرئيس السوري. وفي طبيعة الحال، دعت القيادة القطرية لحزب "البعث العربي الاشتراكي" الذي يحكم البلاد منذ عام 1963، الى انتخاب الاسد، الامين القطري للحزب. وحضت السوريين في بيان على "اختيار قائد لا مجرد رئيس للجمهورية، قائد اثبت للشعب ولاءه الوطني، شجاعته في بقائه مع هذا الشعب، يقاسمه مصيره ويقود نضاله ويدير الازمة التي عصفت بوطنه: انه القائد الرمز بشار الاسد الذي يتواجد مع شعبه في كل احياء الوطن وشوارعه". وقالت صحيفة "البعث" الناطقة باسم الحزب، إن "أبناء الوطن يستعدّون لرسم مشهد وطني في الثالث من حزيران (يونيو)، يؤكدون فيه ان صوت الشعب سيعلو على اي صوت آخر، كما انتصرت ارادته بالحياة على كل احلام واطماع المتآمرين"، إذ ان النظام يعتبر النزاع الحالي "مؤامرة" تقودها دول عربية وغربية. وعلى رغم انها ستكون نظرياً "اول انتخابات رئاسية تعددية"، إلا ان قانون الانتخابات اغلق الباب عملياً على احتمال ترشح أي من المعارضين المقيمين في الخارج، بعدما اشترط ان يكون المرشح قد اقام في سورية بشكل متواصل خلال الأعوام العشرة الماضية. وانتقدت الاممالمتحدة اجراء الانتخابات، معتبرة انها ستكون "ذات تداعيات سلبية على أي افق لحل سياسي". لكن المعارضة السورية وحلفاءها الدوليين، يجدون انفسهم عاجزين عن منع بقاء الاسد في منصبه، ويعتبرون الانتخابات "مهزلة ديموقراطية" و"غير شرعية". كما يصفها ناشطون ومعارضون بأنها "انتخابات الدم"، في اشارة الى الاعداد الكبيرة من القتلى الذين سقطوا خلال النزاع المستمر، لا سيما جراء قصف الذي تنفذه القوات النظامية. ودعت هيئة أركان الجيش السوري الحر، المرتبطة ب"الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة" الخميس، الى مقاطعة الانتخابات التي اعتبرتها بمثابة "المسرحية الرخيصة" التي تجري تحت وطأة "اجرام" النظام، وسط دعوات للمقاطعة من أحزاب من معارضة الداخل المقبولة من النظام. وكانت دمشق اقامت الاربعاء في 28 أيار (مايو)، انتخابات في سفاراتها في عدد من الدول التي لا تزال تحتفظ بعلاقات مع النظام السوري. ونقلت وكالة الانباء الرسمية (سانا) عن نائب وزير الخارجية فيصل المقداد امس قوله، ان الانتخابات اجريت في 43 سفارة، "وتجاوزت نسبة التصويت 95 في المائة من الذين سجلوا أنفسهم". وبحسب صحف سورية مقرّبة من السلطات، بلغ عدد المسجلين في السفارات للادلاء باصواتهم نحو 200 الف شخص، وهي نسبة ضئيلة من نحو ثلاثة ملايين غادروا البلاد هرباً من النزاع. ومنعت العديد من الدول المؤيدة للمعارضة، وابرزها فرنسا والمانيا والامارات العربية المتحدة، اجراء الانتخابات على اراضيها، فيما اقيمت تظاهرات رافضة للانتخابات لسوريين معارضين في لبنان وتركيا. وتدفق عشرات آلاف السوريين للادلاء بصوتهم في سفارة بلادهم في لبنان الاربعاء والخميس، ما اثار انتقادات واسعة في البلد الذي ينوء تحت عبء اكثر من مليون سوري، والمنقسم بشدة بين مؤيدين للنظام والمعارضة. ودعت السفارة السورية كل من لم يتمكن من التصويت الى القيام بذلك على الجانب السوري من المعابر الحدودية في الثالث من حزيران (يونيو)، غير ان الداخلية اللبنانية حذّرت اللاجئين السوريين أمس من فقدان صفة "النازحين" في حال دخولهم الاراضي السورية بدءاً من اليوم (الاحد). وتعليقاً على القرار، اعتبرت صحيفة "الوطن" السورية ان "الهدف منه التضييق وحرمان السوريين من حق انتخاب رئيسهم الجديد".