افتتح الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي امس قمة مجموعة الثماني في دوفيل شمال غربي فرنسا، بعد وقت قصير من استقباله قادة القوى الاقتصادية الكبرى. ويعتزم رؤساء دول وحكومات المجموعة حض النظامين السوري والليبي على وقف استخدام العنف والأخذ بتطلعات شعبيهما. ومن المرتقب أن يدعو البيان النهائي للقمة الرئيس السوري بشار الأسد إلى وقف استخدام القوة والترهيب ضد شعبه وإطلاق حوار وإصلاحات جوهرية. وقالت مصادر مطلعة ل «الحياة» إن محادثات وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه ونظيرته الأميركية هيلاري كلينتون في باريس أول من أمس، أظهرت توافقاً في شأن ضرورة التقدم خطوات لإدانة القمع في سورية والنظام الذي يمارس هذا القمع، «لأن الوضع لا يحتمل». وتوقعت أن يُجري كل من الرئيس ساركوزي ونظيره الأميركي باراك أوباما محادثات مع الرئيس الروسي ديميتري ميدفيديف لإقناعه بعدم استخدام الفيتو ضد أي مشروع قرار أو بيان يستهدف سورية في مجلس الأمن. وأكدت المصادر أن مشروع بيان في مجلس الأمن تُعده فرنسا وبريطانيا لإدانة القمع في سورية ما زال «قيد البحث والتشاور» لكن الموقف الأميركي كان قبل القمة غير نشط على هذا الصعيد، نظراً لقلق الممثلة الأميركية لدى الأممالمتحدة من الفتيو الروسي. وذكرت أن روسيا، التي لم تستخدم الفيتو ضد قرار استهدف ليبيا، لديها مصالح كبرى تربطها بسورية، وأن إقناع ميدفيديف خلال قمة دوفيل بتغيير موقفه سيكون «مهمة صعبة». وبالنسبة إلى ليبيا، من المرتقب أن يدعو البيان الختامي للقمة العقيد معمر القذافي إلى الوقف الفوري للعنف، وأن يؤيد حلاً سياسياً يعبر عن الإرادة السياسية للشعب الليبي. ويُفترض في البيان الختامي أن يدعو إلى «مفاوضات» ذات مغزى، غير مرتبطة بمهلة زمنية، للتوصل إلى اتفاق إطار من أجل سلام دائم في النزاع الفلسطيني الإسرائيلي». وعن التغييرات التاريخية التي يشهدها العالم العربي ستُصدر القمة بياناً منفصلاً في شأنها، ومن المقرر أن يؤكد البيان الختامي أن هذه التغييرات تجعل من الملح تسوية النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي عبر مفاوضات بالعمق. ويعقد ساركوزي لقاءات ثنائية على هامش قمة دوفيل مع كل من أوباما وكاميرون بعد أن التقى المستشارة الألمانية انجيلا مركل وميدفيديف. وصرح ساركوزي عقب اللقاء مع ميدفيديف انهما تناولا المواضيع الراهنة كافة، وأن المحادثات أظهرت شمولية من حيث الآراء والتوجه، وأنهما مستمران في العمل معاً حول المواضيع المثيرة للتباين. وقال ميدفيديف إن العلاقات الفرنسية الروسية ممتازة وإنها مبنية على الثقة، وإنه وساركوزي «تناولا المواضيع الدولية والمشاكل المتعددة والمعقدة ضمن ذهنية من الانفتاح». وذكر انه تم التوصل إلى اتفاق مع فرنسا في شأن عقد شراء 4 حاملات مروحيات فرنسية من نوع «ميسترال» وأن هذا العقد سيُوقع رسمياً في 15 حزيران (يونيو). وكان الرئيس الأوروبي هيرمان كان رومبوي ورئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانوييل باروزو، عقدا مؤتمراً صحافياً على هامش اجتماعات دوفيل، دعا خلاله الأول السلطات السورية إلى الوقف الفوري للعنف، مبدياً ارتياحه لتضمين الاتحاد الأوروبي اسم الأسد في لائحة العقوبات. وعبر فان رومبوي عن قلق أوروبي حيال الوضع في ليبيا مشيراً إلى أن الأوروبيين دعوا منذ 11 آذار (مارس) الماضي إلى رحيل القذافي واتخذوا خطوات لحماية المدنيين الليبيين. وتوقف عند مقتل زعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن، مؤكداً أن أوروبا والولايات المتحدة ستستمران في العمل مع الأصدقاء في العالم العربي لمواصلة مكافحة الإرهاب. وأشاد بالموقف الذي أعلنه أوباما حول الشرق الأوسط ودعوته إلى اعتماد حدود 1967 للتسوية، مؤكداً ضرورة تسوية موضوعي القدس واللاجئين، ومشيراً إلى أن وزيرة الخارجية الأوروبية كاترين آشتون تعمل على التقدم بهذا الشأن مع المجموعة الرباعية الدولية. وأعلن باروزو من جهته أن قمة دوفيل ستبحث تفصيلاً المساعدات التي يمكن تقديمها لدول «الربيع العربي» خصوصاً مصر وتونس، اللتين شاركتا في عشاء عمل أمس حول الربيع العربي، عبر رئيسي حكومتيهما والأمين العام للجامعة العربية عمر موسى. وذكر باروزو أن الاتحاد الأوربي أقر مبلغ 7 بلايين يورو لمساعدة 16 دولة متوسطية جنوبية وبعض دول أوروبا الوسطى. وقالت مصادر مطلعة إن احتياجات مصر وتونس تبلغ بحسب تقديرات مسؤولي الدولتين 25 بليون دولار لمدة 5 سنوات، ونحو 12 بليون دولار حتى منتصف العام 2012. وكانت مصادر فرنسية عدة أكدت أن القمة ستعمل على إرساء شراكة مع دول الجوار الجنوبية وتحديداً مع كل من مصر وتونس، على المدى القصير لتلبية الحاجات الملحة وعلى المدى الطويل لإرساء شراكة حقيقية ومساعدة هذين البلدين في ترسيخ التطور والديموقراطية. وأشارت إلى احتمال توسيع نطاق صلاحيات البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية الذي خصص لدول أوروبا الشرقية، بحيث تشمل هذه الصلاحيات الدول العربية التي تعتمد الديموقراطية، من خلال اعتماد ما يشبه خطة مارشال لمساعدتها على النهوض بأوضاعها. وذكرت وكالة «فرانس برس» أن القمة ستبحث في هذا المنتجع البحري، الواقع على ساحل النورماندي والمعروف بقصوره وكازينواته، قضايا كبرى أخرى مثل الاقتصاد العالمي أو الإنترنت التي أدرجت للمرة الأولى على جدول أعمال قمة كهذه إضافة إلى مسألة الإنترنت وجوانبها الاقتصادية والسياسية. وسيعقد زعماء القمة اليوم اجتماعا تشاورياً مع قادة أفارقة. ودعت فرنسا ثلاثة رؤساء انتخبوا في الآونة الأخيرة في عمليات اعتبرتها ديموقراطية هم: رئيس ساحل العاج الحسن وتارا وغينيا الفا كوني والنيجر محمدو يوسوفو.