فيما تراوح الأزمة بين رئيس المجلس النيابي نبيه بري ووزير الخارجية جبران باسيل مكانها، على خلفية وصف الأخير رئيس المجلس ب «البلطجي» وما تبعه من ردود فعل سياسية وفي الشارع، برزت أمس ثلاثة مواقف عن الرئاسة الثانية: «الأول اعتذار الرئيس بري من اللبنانيين الذين لحق بهم أذى على الأرض. والثاني أنه لا يريد توتير الأجواء، والثالث تأكيده أن موضوع استقالة الحكومة لم يطرح وأنه لم يطلب من أحد الاستقالة». تناول بري في لقاء الأربعاء النيابي، التطورات في لبنان والمنطقة، وركز على الأخطار التي تحدق بلبنان جراء ما يجري على مستوى المنطقة، وكذلك تحدث عما جرى في الأيام الأخيرة. وأشار عضو كتلة «التنمية والتحرير» النيابية علي بزي إلى أن هناك كلاماً كثيراً قيل في الصالونات وفي الشاشات حول ما يحصل في الفترة الأخيرة. وقال: «يهم الرئيس بري أن يقول إنه دائماً لم يكن السبب مثل النتيجة وفي طبيعة الحال هو لم يطلب اعتذاراً بل المطلوب تقديم اعتذار إلى اللبنانيين، كل اللبنانيين للإهانات والإساءات التي حصلت. والرئيس بري يمتلك من القوة والشجاعة والوعي والوطنية والأمانة والحرص على كل اللبنانيين ما يدفعه إلى أن يقدم اعتذاراً إلى كل اللبنانيين الذين لحق بهم أذى على الأرض، على رغم أن الجميع يعرف أن لا الرئيس بري ولا حركة «أمل» لهما علاقة من قريب أو بعيد بما حصل على الأرض، وهو كان يعمل دائماً خلال الأيام القليلة الماضية من أجل منع التحركات والتظاهرات والسيارات، وقد اتصل بالقيادات الأمنية عبر المسؤول الأمني في حركة «أمل» وبالجيش من أجل الحفاظ على مصالح البلاد والعباد وعدم التعرض للمواطنين في أي منطقة من المناطق». ولفت إلى أن «الرئيس بري، يعتبر أن كل كلام يشاع حول استقالة الحكومة وغيرها، لم يناقش ولم يطلب من أحد اللجوء إلى هذا الخيار، ولكننا في السياسة ما زلنا على مواقفنا، وفي الملفات ما زلنا عند موقفنا لم ولن نتراجع قيد أنملة عن مقارباتنا الدستورية والنظامية والقانونية في كل هذه الملفات». من جهة ثانية نقل بزي عن بري أنه يعتبر أن «زيارة نتانياهو روسيا هي أكبر من خطيرة، ما يتطلب من جميع اللبنانيين التنبه والتشبث بالوحدة». وبعد مشاركته في لقاء الأربعاء، قال وزير التربية والتعليم العالي مروان حمادة: «أحببت أن أكون مع زملائي نواب اللقاء الديموقراطي، وزملائي من كل الكتل لأؤكد شيئين أساسيين: أولا تضامني مع الرئيس بري وتضامن كتلتنا. وثانياً لأذكر كل من يتناسى بهذا الأمر، وهو أننا وفق الطائف والدستور وحتى الميثاق الوطني من عام 1943، في جمهورية ديموقراطية برلمانية ولسنا في نظام رئاسي. فليتذكر الجميع هذه العبرة الأساسية التي تؤمن التوازن في البلد واحترام الجميع للجميع، وعدم وقوع البلد في أفخاخ الانقسام». حمادة: بري لا يريد التوتير وأضاف: «الرئيس بري كما شعرنا جميعاً، لا يريد أبدا توتير الأجواء، ولكن هناك مواقف أساسية بدأنا جميعا نشكو منها مع مرور الوقت وأصبحت تتراكم وهي قد تكون أكثر من الشتائم في أساس الأزمة العميقة التي نحن فيها». وحول وضع الحكومة قال: «لم يتكلم أو يتهجم أحد على الحكومة. الموضوع الأساس هو احترام الدستور والطائف». وعن علاقة كلام الوزير باسيل بالدستور والطائف والنظام الديموقراطي؟ أجاب: «أعتقد أن الجميع استخلص ليس فقط من الكلام بل من المواقف التي عمرها أشهر، مواقف عبر عنها في بيروت، كذلك جرت محاولات في الجبل بهذا الاتجاه، كلام فوق السطوح، لا يوجد سطوح، السطوح للجميع. لا صيف وشتاء تحت سقف واحد، فبالنتيجة نحن مواطنون في بلد موحد وحقوقنا متساوية ولا أحد يستطيع أن يأخذ حقوق الغير. نحن لا نريد أن نعتدي على حقوق أحد، ولكن أنا أتكلم باسم كل اللبنانيين وليس باسم الطائفة الدرزية أو الحزب التقدمي الاشتراكي أبداً. الحقوق متساوية والذي يخرج عن الدستور يتحمل المسؤولية». أما وزير الزراعة غازي زعيتر، فرأى عقب اللقاء أن «ردود الفعل التي حصلت في الشارع قد تكون خفيفة مقارنة بما قاله مسؤول داخل الحكومة، ورد فعل الشارع لا يمكن ضبطه من أي جهة كانت، وموجود لدى مختلف فئات الشعب اللبناني». وقال: «لا أريد أن أدخل بالمقارنة بين الخطيئة التي ارتكبت وبين البيانات التي صدرت، نحن نريد استقرار البلد والعلاقات بين أهله، مسيحيين ومسلمين وقوى سياسية، ولن نسمح بتخريب البلد». وقال قاسم هاشم إن «الكل يعرف ما هو المخرج، وباعتبار أن الإساءة حصلت أمام اللبنانيين، فالاعتذار من اللبنانيين ضروري، وهو لإعادة الأمور إلى نصابها»، مؤكداً أن «مخرج الأزمة هو بالاعتذار من اللبنانيين». ووفق نواب سأل بري: «هل تجوز مساواة الفعل الكبير بأمور أخرى بشكل غير متوازن»، ونقلوا عنه أن «لا استقالة من الحكومة، وهي مستمرة، لكنها قد تتعرض لبعض التعثر بسبب التشنج السياسي القائم». واعتبر هاني قبيسي حول برودة الرئاسة الثانية تجاه بيان رئيس الجمهورية، أن «البيان ساوى بين الظالم والمظلوم والضحية ومن اعتدى عليها، ولم يضع حداً فاصلاً للمشكلة، لذلك أصبح الاعتذار في مكان مضى وكان ينفع في وقت المشكلة وبشكل فوري، لأنه كان ساهم في تنفيس الاحتقان». وقال: «في الشق الشخصي، لنا حق سنأخذه في السياسة، ولكن رئاسة مجلس النواب أهينت من وزير، وهو مصر على موقفه، وهناك قرار بافتعال مشكلة في البلد لأسباب تتعلق باستحقاقات سياسية لعل البعض يريد أن يهرب منها». وفيما استحضر أيوب حميد المثل الشعبي الذي يقول: «إن الولد الرديء بيجيب المسبة لوالديه»، غادر نواب «حزب الله» من دون أي كلام، ولا حتى جانبي أو على سبيل ترطيب الأجواء كما جرت العادة. والتقى بري، وفد الحزب «السوري القومي الاجتماعي» برئاسة حنا الناشف وعضوية الوزير علي قانصو والنائب أسعد حردان. وقال الناشف: «جئنا لنبدي التضامن مع الرئيس بري، ووجوب التعالي في خطابنا الوطني إلى مستوى المسؤولية وأن نعطي اهتماماً كبيراً للوحدة الوطنية وللسلم الأهلي، وأن يكون رأينا مدروساً وعقلانياً، وعندما نبدي أي ملاحظة أن تكون هذه الملاحظة عقلانية». ورأى أن «الرجوع عن الخطأ فضيلة ويجب أن يعود المخطئ عن خطئه لأنه بذلك تبنى الأوطان». حركة الاحتجاجات وتجددت الحركة التضامنية مع بري في الشارع. وسجلت وقفات مسائية حاشدة، منها أمام وزارة التربية في الأونيسكو حيث نفذ مناصرو «أمل» من تربويين وأساتذة جامعات وطلاب وقفة رمزية. وذكرت «الوكالة الوطنية للإعلام» أن الاعتصام تسبب بزحمة سير في المنطقة. وإنضم الوزير حمادة والنائب علي خريس الى المعتصمين الذين رفعوا لافتات تشيد بحمادة. ونفذ اتحاد النقل الجوي في لبنان وقفة تضامنية مع بري، أمام مبنى الجمارك قرب المطار، ثم توجه المشاركون الى أمام قاعة الوصول للاعتصام. ورفعوا رايات «أمل» منبهين «إلى أنه إذا تطورت الأمور سنلجأ الى موقف حازم وحاسم بإعلان العصيان في المطار حتى رحيل الوزير الساعي للفتنة». ونظمت «أمل» في معهد النبطية المهني، وقفة تضامنية مع بري كذلك في صور وبنت جبيل. في الخارج وتزامن ذلك مع احتجاجات من أبناء الجالية اللبنانية المناصرين للرئيس بري، كانت السفارة في ساحل العاج مسرحها، احتجاجاً على مؤتمر الطاقة الاغترابية المقرر انعقاده في ابيدجان. كما سلم امس، وفد شبابي السفير اللبناني في لندن رامي مرتضى مذكرة احتجاج على كلام باسيل وتضامن مع بري.