علّقت الخلافات اللبنانية وأجواء التأزم اجتماعات الحوار الوطني الذي انعقد أساساً منذ صيف 2015 من أجل إيجاد الحلول لها، بعد أن قرر رئيس البرلمان نبيه بري تعليقه إثر إعلان رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل الانسحاب من جلسته ال21 أمس، بحجة إخلال الفرقاء الآخرين ب «الميثاقية» وعدم الاستماع إلى «المظلومية التي يتعرض لها المسيحيون»، وبعد أن تحولت الجلسة إلى سجال ماروني- ماروني، عبر رد رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية المسهب على باسيل، برفضه ربط موقع المسيحيين بشخص، قاصداً ترشيح العماد ميشال عون للرئاسة الأولى. وارفضَّت هيئة الحوار التي تضم 16 رئيس حزب وكتلة نيابية (ما عدا القوات اللبنانية)، من دون تحديد موعد جديد، مع اقتراح من رئيس كتلة نواب «حزب الله» النائب محمد رعد إعطاء فسحة للاتصالات من أجل تأجيل اجتماع مجلس الوزراء الذي دعا إليه رئيس الحكومة تمام سلام بعد غد الخميس. وبدأت اتصالات في هذا الصدد منذ أمس. وكان انعقاد مجلس الوزراء في 25 آب (أغسطس) الماضي على رغم تغيب وزيري « التيار الحر» ووزير حزب الطاشناق حليفه عنها، احتجاجاً على اعتماد سياسة التمديد بدل التعيين للقيادات العسكرية، ومنها قيادة الجيش، أطلق الأزمة الجديدة مع التيار العوني، الذي اعتبر الجلسة مناقضة للميثاق الوطني بسبب غياب المكونات المسيحية الوازنة في تمثيل المسيحيين، في ظل استقالة حزب «الكتائب» من الحكومة وعدم وجود حزب «القوات اللبنانية» فيها، فيما رفض بري وسلام تعطيل الحكومة. وقالت مصادر المتحاورين ل «الحياة» إن انفجار الأزمة في الحوار كان متوقعاً بعد تصعيد «التيار الوطني الحر» موقفه منذ أسبوعين، بتوسيع عناوين احتجاجه، معتبراً أن عدم الأخذ بمطالبه في مجلس الوزراء وفي قانون الانتخاب وفي انتخاب الأقوى والأكثر تمثيلاً للمسيحيين للرئاسة، أي العماد عون، إخلال بالميثاقية، وإصراره على مناقشة الأمر في الحوار، الذي كان سيستكمل البحث في إنشاء مجلس للشيوخ تطبيقاً لاتفاق الطائف. وعكس باسيل في جلسة الحوار أمس التصعيد، متحدثاً عن «غبن المسيحيين منذ عام 1990 والاستخفاف بحقوقهم»، فأشار إلى أن عدم الأخذ بمطالبه كفريق يمثل مع الأحزاب المسيحية التي غابت عن الحكومة أكثرية المسيحيين، هو ضرب للشراكة الميثاقية. واعتبر إهمال حقوق المسيحيين واجتماع الحكومة بمن يمثلون 6 في المئة من المسيحيين يجعل الأمر «قضية وجودية... ولا لزوم لأن نستمر معاً»... وقال إن هذا الأمر كان يحصل أيام الوصاية السورية، رافضا أن يستمر بعدها. وأثار كلام باسيل النائب فرنجية، الذي رد عليه بقوة رافضاً اعتبار الآخرين لا يمثلون المسيحيين، مذكراً باسيل بأنه ترشح أكثر من مرة للانتخابات وسقط. وقال إن المطالب التي يطرحها «التيار» محقة لكن الخلاف حول الأسلوب، «فكل مرة تريدون منا أن نفوت بالحيط»، رافضاً «أن تفرضوا رأيكم على الآخرين». ولفتت مصادر المتحاورين إلى أن باسيل لم يرد على كلام فرنجية، فيما قال الرئيسان فؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي إن الميثاق بات في صلب الدستور وطالبا بتطبيقه. كما رد الوزير بطرس حرب على باسيل. وبعد ساعتين ونصف الساعة من النقاش قال باسيل إنه ينسحب من الحوار، فقال بري أنه سيعلق جلساته، لكنه اعتبر أن «ما سمعته خطير وأخشى أن يسبب حرباً أهلية، فلمصلحة من هذا الكلام؟».