علمت «الحياة» في صنعاء من مصادر متطابقة في الحكم والمعارضة أن توقيع اتفاق المبادرة الخليجية لإنهاء الأزمة الراهنة في اليمن ألغي في اللحظة الأخيرة أمس، وأن الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبداللطيف الزياني غادر العاصمة اليمنية بعدما برز خلاف جديد حول أسماء الشخصيات التي ستوقع الاتفاق. واتهمت أوساط المعارضة الرئيس اليمني بالتراجع عن توقيع الاتفاق على رغم موافقتها على التعديلات الأخيرة التي اقترحها. لكن أوساط حزب «المؤتمر الشعبي العام» الحاكم أوضحت أن صالح طلب مشاركة تكتلات «شباب الثورة» في التوقيع على الاتفاق، لأنه لا معنى لتوقيعه إذا لم يضمن رفع الاحتجاجات والاعتصامات، وهو ما تبين أن أحزاب «المشترك» عاجزة عن القيام به. وكانت مصادر الجانبين تحدثت نهار امس عن نجاح الزياني، يسانده سفراء دول مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، في إقناع الطرفين باعتماد المبادرة الخليجية مخرجاً أخيراً لتحقيق انتقال سلمي وآمن للسلطة. وناشد البيت الأبيض امس الرئيس صالح توقيع الاتفاق والبدء في تنفيذه. وأكدت المصادر أن السفير الأميركي جيرالد فايرستاين زار بعد ظهر أمس رئيس تحالف «اللقاء المشترك» ياسين سعيد نعمان في منزله لإقناعه بتوقيع الاتفاق بعدما كان أعتذر في وقت سابق مفضلاً الابتعاد عن مراسم التوقيع وإتاحة الفرصة لقيادات أخرى في المعارضة. وأوضحت أن المفاوضات الماراثونية التي قام بها الزياني منذ السبت الماضي مع كبار مستشاري الرئيس صالح وقيادات حزب «المؤتمر الشعبي العام» الحاكم من جهة، وقيادات أحزاب المعارضة من جهة أخرى، توجت بإقناع الطرفين بأهمية تجنيب البلاد مخاطر الفوضى والحرب الأهلية ووقف النزيف الاقتصادي. ووافقت المعارضة على الاتفاق بعد إجراء تعديلات طفيفة على عنوانه وديباجته بناء على اقتراحات الرئيس اليمني، وبما لا يؤثر على بنوده في صيغتها الأساسية. وأشارت إلى أن التعديلات تضمنت اقتصار عنوان الاتفاق على كلمة واحدة هي «اتفاق» من دون الإشارة إلى طرفيه، والتي أدرجت بدلاً من ذلك في الديباجة. كذلك شملت التعديلات وضع توقيع الرئيس صالح في مقدمة الموقعين من الطرفين وسط الصفحة على أن يخصص الجانب الأيمن لخمسة موقعين عن الحزب الحاكم وحلفائه وفي مقدمهم مستشار الرئيس نائب رئيس «المؤتمر» عبد الكريم الارياني، ويكون الطرف الأيسر لخمسة موقعين عن أحزاب «اللقاء المشترك» وشركائها وفي مقدمهم رئيس «اللجنة التحضيرية للحوار الوطني» محمد سالم باسندوه، يليه ياسين نعمان وثلاثة آخرون. وينص أتفاق المبادرة الخليجية على تشكيل حكومة وحدة وطنية برئاسة المعارضة يتوزع أعضاؤها مناصفة بين الحزب الحاكم والمعارضة، وعلى إنهاء كل أسباب الأزمة الراهنة وإصدار مجلس النواب قانون عفو عام في اليوم ال29 من تاريخ التوقيع على الاتفاق، على أن يقدم صالح استقالته إلى البرلمان في اليوم الثلاثين ويتسلم نائبه عبد ربه منصور هادي منصب الرئيس إلى حين إجراء الانتخابات النيابية خلال 60 يوماً. وفي واشنطن، قال بيان للبيت الأبيض إن مستشار الرئيس باراك اوباما لشؤون مكافحة الإرهاب جون برينان اتصل بالرئيس اليمني لحضه على توقيع اتفاق المبادرة الخليجية وتنفيذه حتى يمكن لليمن المضي قدماً في الإصلاح السياسي. وأضاف البيان «لاحظ برينان أن هذا الانتقال للسلطة يمثل افضل مسار إلى الأمام بالنسبة إلى اليمن حتى يصبح دولة تتمتع بمزيد من الأمن والوحدة والرخاء وحتى يحقق الشعب اليمني أمله في السلام والإصلاح السياسي». وأكد برينان أن جميع الأطراف في اليمن ينبغي لها «الامتناع عن ممارسة العنف والشروع في نقل السلطة بطريقة سلمية ومنظمة».