على رغم خيبة الأمل التي أصابت اليمنيين بعد مغادرة الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبداللطيف الزياني العاصمة صنعاء مساء الأربعاء من دون أن يوقع طرفا الأزمة في الحكم والمعارضة اتفاق المبادرة الخليجية، الا ان المراقبين لا يزالون يعتقدون بأن الوساطة الخليجية لم تفشل وأنها يمكن أن تستأنف عبر جولة أخرى من المفاوضات مع الرئيس علي عبدالله صالح وأحزاب المعارضة في تكتل «اللقاء المشترك»، خصوصاً أن الخلاف ينحصر في جوانب شكلية لا تؤثر في تأكيد الجانبين قبولهما بنود الاتفاق المتعلقة بآلية انتقال السلطة وتشكيل حكومة وحدة وطنية وتقديم الرئيس استقالته خلال ثلاثين يوماً من تاريخ التوقيع. وزاد التفاؤل مع تصريحات صدرت امس عن المسؤول في حزب «المؤتمر الشعبي العام» الحاكم سلطان البركاني الذي اشار الى احتمال توقيع الاتفاق بعد غد الاحد، ومع تردد انباء عن عقد اجتماع لوزراء خارجية دول الخليج غدا في الرياض يخصص للوضع اليمني. وفي هذا السياق، أكدت ل «الحياة» مصادر ديبلوماسية غربية في صنعاء أن الولاياتالمتحدة ودول الاتحاد الأوروبي تمارس ضغوطاً شديدة على الرئيس صالح لإقناعه بتوقيع المبادرة والتوقف عن وضع الحجج والتبريرات التي أدت إلى عرقلة التوقيع في اللحظة الأخيرة، على اعتبار أن المبادرة الخليجية تضمن له الرحيل الآمن والانتقال السلمي للسلطة وعدم سقوط منظومة الحكم، وتؤسس لعملية تغيير هادئة تجنب اليمن السقوط في مستنقع الفوضى والعنف وتلبي رغبة واشنطن والاتحاد الأوروبي والجوار الخليجي لجهة عدم تحويل اليمن إلى بؤرة لتنظيم «القاعدة» تهدد المصالح الإقليمية والدولية في المنطقة. وأضافت المصادر بأن لدى واشنطن رؤية تتمثل في عدم منح «القاعدة» الفرصة لإعادة ترتيب أوضاعه الميدانية بعد مقتل زعيمه أسامة بن لادن، كما أن دول الخليج حريصة على أمن اليمن واستقراره ووحدته، باعتباره جزءاً حيوياً من أمنها الإقليمي، ما يعني أن دول الخليج لن تتخلى بسهولة عن دورها الراهن في حل الأزمة اليمنية. في هذه الأثناء، تبادل طرفا الأزمة الاتهامات في شأن المسؤولية عن تعثر المبادرة الخليجية، وقال مصدر مسؤول في حزب «المؤتمر الشعبي العام» الحاكم إن حزبه لا يزال عند موقفه القابل بتوقيع المبادرة في أي وقت، شريطة التوقيع عليها من طرف أحزاب المعارضة المعترف بها قانوناً والممثلة في البرلمان، متهماً «اللقاء المشترك» بالتشدد في مواقفه وتصعيد الأوضاع. وعلى الجانب الآخر، قال الأمين العام ل «الحزب الاشتراكي اليمني» الرئيس الدوري للمجلس الأعلى لأحزاب «المشترك» ياسين سعيد نعمان إن الرئيس صالح هو المسؤول عن إفشال المبادرة الخليجية، متهماً إياه بأنه «مستعد لفعل كل شيء للبقاء في السلطة». إلى ذلك، حمل الشيخ ناجي بن عبد العزيز الشايف شيخ مشايخ قبيلة بكيل، كبرى القبائل اليمنية، في تصريح الى «الحياة» السلطة والمعارضة «مسؤولية إفشال كل المبادرات والوساطات الخيرة لإنهاء الأزمة الراهنة في البلاد وإبعاد اليمن عن مخاطر الفوضى والصراعات».