أوضح القاص فهد الخليوي أن القصة القصيرة تجاوزت في منتصف السبعينات الميلادية سذاجة الحكاية المسرودة، للتسلية، إلى صياغة قصة بتقنيات فنية عالية ودلالات إنسانية وتاريخية. وقال إن تجربته «تشكلت ضمن تجارب مجموعة حالمة من المترددين على الواقع الأدبي، كبعدالعزيز مشري وعبدالله باخشوين ومحمد علوان وغيرهم»، مضيفاً أن جيله واجه بكل تنوعه الفكري والثقافي والإبداعي «هجوماً شرساً من ذوي الفكر الأحادي الذين دأبوا على الإقصاء وقمع مظاهر الانفتاح وحرية الإبداع، وكانت تلك الفئة المتشددة تسيطر سيطرة مطلقة على المؤسسات الثقافية وقنوات الإعلام المحلية، وهو ما همش ظهور التنويريين بل والتشكيك في نواياهم الوطنية، وإعاقة طباعة أعمالهم وتحجيم حرية التعبير عن آرائهم وتطلعاتهم المستقبلية». ولفت الخليوي، في الأمسية القصصية التي نظمتها «جماعة السرد» في نادي الرياض الأدبي مساء الاثنين الماضي وأدارها القاص عبدالواحد الأنصاري، إلى انه لم يكن همه «كتابة القصة في تلك المرحلة بل كان جل همه نشر وتفعيل كل ما يتصل بالإبداع الجديد المخالف لما هو سائد وراكد في الساحة الثقافية المحلية. وقد تحقق لي بعض ذلك عبر صفحات الملحق الثقافي في مجلة (اقرأ) الذي كنت مشرفاً على تحريريها»، مشيراً إلى أن مرحلة السبعينات «من أهم المراحل الثقافية في بلادنا، لأنها طرحت عدداً من القضايا الفكرية والاجتماعية والأدبية فسلطت الضوء على قضايا المسرح والسينما وكل الوسائل التعبيرية من سرد وشعر وفن تشكيلي». وذكر الخليوي، في الأمسية التي حضرها عدد كبير من المهتمين في مقدمهم القاص محمد علوان وصالح الأشقر وأحمد الدويحي وتركي السديري وعبدالله الصيخان وعبدالحفيظ الشمري وغيرهم، أن جدة لم تكن تخلو من صالات عرض سينمائية بدائية، في حارة المظلوم وحارة الشام، «ولكن أغلقت تلك الدور وأغلق معها كل نوافذ التعبير، جراء هيمنة الظلاميين ورؤيتهم القاتمة لمظاهر الحية العصرية وإصرارهم العبثي لجر البلاد العربية إلى العزلة والانطواء خارج حركة التاريخ والحضارة». وقال: «أقنعني صديقي سعود الجراد بأن أطبع مجموعتي القصصية الأولى بعد أن جمع نصوصها فصدرت بعنوان «رياح وأجراس» عن نادي حائل الأدبي، ثم تشجعت بعد ذلك لإصدار مجموعتي الثانية «مساء مختلف» عن نادي الرياض الأدبي».وشهدت الأمسية قراءة عدد من قصصه التي حازت إعجاب الحضور. كما شهدت الأمسية تقديم قراءة نقدية حول تجربة الخليوي القصصية للدكتورة شادية شقروش، ومما ذكرته أن الخليوي «حاول الاجتهاد في كتابة القصة القصيرة، من خلال الاقتصاد في الكلمات، ولعل الاقتصاد في الكلمات كان مرده ضرورة اقتضاها الملمح الإبداعي العام بعد سقوط الأيديولوجيات الكبرى ليعبر عن الإنسان العادي، ويؤكد على القيم الانسانية». ووقّع الخليوي بعد الأمسية نسخاً من مجموعته «مساء مختلف». وحصل الحضور على نسخ من كتابة الدكتورة شقروش «سلطة النص بين المبدع والمتلقي في القصة القصيرة السعودية - رياح وأجراس للقاص فهد الخليوي».