يطغى على المشهد السياسي والديني في إيران منذ مدة، تداول مصطلح «تيار الانحراف»، ما جعل هذا المصطلح مفردة سياسية جديدة في القاموس السياسي الإيراني الآخذ بالاتساع، بعد تراجع مصطلح «تيار الفتنة» الذي أُطلق علي التيار الإصلاحي بعد الاضطرابات التني أعقبت انتخابات الرئاسة عام 2009. وعلي رغم عدم الكشف عن رموز هذا التيار، لكن أصبح من شبه المؤكد أنه يشير الى الفريق المتموضع خلف الرئيس محمود أحمدي نجاد، وتحديداً مدير مكتبه اسفنديار رحيم مشائي، والذي يتزعم هذا التيار. ويبدو أن نجاد ليس في صدد مراجعة حساباته والتخلي عن مساندته مشائي، بل ما زال يعتقد أن الأخير شخصية شفافة ومبدعة ومتدينة، تريد الخير للبلد والنظام والثورة، مؤكداً أن الحملات التي تستهدفه ليست سوي منافسة غير شريفة، أو أنها نابعة من عدم معرفة حقيقة نياته. وتُوجّه الى مشائي تهم عدة، أصبح معها موضع تهكم وتهجّم في الشارع، إذ تُنسب له ممارسات كثيرة، وأفكار تجعله شخصية غامضة ومحيرة ومؤامراتية وشيطانية، وبالتالي شخصية «أمّارة بالسوء». والغريب أن هذه الاتهامات لم تأتِ من تيار معارض لنجاد، بل من التيار الأصولي المحافظ الذي يسانده، وما زال يميّز بينه وبين الفريق المحيط به، للهروب من تأييده الرئاسة وبرامجها الاقتصادية والسياسية. لكن شخصيات في هذا التيار وجهت اتهامات لنجاد، مطالبة باستجوابه في مجلس الشوري (البرلمان) لعزله، كما أعرب عن ذلك رئيس تكتل رجال الدين في البرلمان محمد تقي رهبر، فيما رأي رضا أكرمي عضو اللجنة المركزية لتجمع العلماء المناضلين، أن الفصل لا يجوز بين نجاد ومشائي، لأن (الرئيس) يقول إن كلام مشائي وفكره، هو كلامه وفكره». وعلي رغم أن نجاد يسخر من هذه التهم، خصوصاً التي تتحدث عن نشاط «سحرة ومنجمين» مع مشائي في الرئاسة، إلا ان المرجع محمد تقي مصباح يزدي الذي يُعتبر «مرشداً روحياً» لنجاد، قال انه «يعتقد بدرجة 90 في المئة أن نجاد وقع تحت تأثير السحر. هذا الوضع غير طبيعي على الإطلاق». وفي إشارة الى الدعم المطلق الذي يبديه نجاد لمشائي، تساءل مصباح يزدي: «هناك شخص لديه عشرة أصدقاء ويضع التسعة منهم جانباً ويبرّر كل ما يقوم به العاشر. هل من المنطق انتقاد الأشخاص التسعة، وليس العاشر ولو لمرة واحدة؟». وأضاف: «يوماً بعد يوم، شعرت بوجود خطر كبير. لا أعلم إذا كان تنويماً مغنطيسياً أو تأثيراً سلبياً، أو سحراً، أو من أفعال المنجمين، أو علاقات مع ممارسي اليوغا، لكنْ هناك أمر غير طبيعي. هذا الشخص الذي لديه مشكلة (مشائي)، أثّر سلباً في هذا السيد (نجاد) ويمسك به من يده». ماذا يريد «تيار الانحراف» من النظام والقيادة في إيران؟ سؤال يختلف علي إجابته العارفون بالبلد الذي ما إن تهدأ فيه أزمة، حتى تندلع أخرى...