حين تجرّأت الفنانة اللبنانية ديانا حداد خلال النصف الأول من التسعينات على تقديم أغنية «ساكن» باللهجة الخليجية، كان المغنون اللبنانيون يهابون ذلك النوع من الغناء، خوفاً من أن لا يستحسن جمهورهم اللهجة، أو لا يفهمها. صدرت الأغنية وسط ترقّب الساحة الفنية لنتائجها... وبعد النجاح المدوّي الذي حققته، كرّت السبّحة، لكن الآخرين غنوا باللهجة الخليجية البيضاء، التي قدمت «ساكن» ضمن إطارها، وظلوا أسرى تلك التقنية، فيما طورت حداد تقنية غنائها حتى باتت تغني لهجة أبناء البلد الأصلية. ويعود توقّف باقي المغنين عند حدود اللهجة البيضاء، الى سببين يتمثلان بعدم اتقان لهجة أبناء المنطقة بالشكل الصحيح، اضافة الى أنهم لم يختاروا الساحة الخليجية مدىً لشهرتهم. فاقتصرت تجربتهم الغنائية على التنويع. غير أن تجربة ديانا، اختلفت منذ إقامتها في الامارات العربية المتحدة. فقد أتقنت لهجة أهل البلد، وغنتها. وتعرف كثيرون بفضل ديانا حداد على عشاق هذا اللون الغنائي في بلاد الشام، كونها سحبت جمهورها الى هذا اللون تدريجاً من اللهجة البيضاء الى اللهجة الخليجية الصرف، حتى بات قسماً كبيراً منهم يعشق أغنية تلك المنطقة العربية ويسمعها من غير ان يُعصى عليه فهم المعاني والعبارات. وتفخر ديانا حداد حين تُسأل عن تجربتها، باتقانها لهجة أهل البلد على قاعدة «من أحب قوم أتقن لغتهم». حداد التي حصلت على الجنسية الامارتية، تفخر أيضاً بأنها أفضل من أجاد غناء هذا اللون بين المغنيات العرب، بل تتفوق عليهن، وقد صُنّفت في مرتبة تأتي بعد نجمتي الخليج أحلام الاماراتية ونوال الكويتية. وترى حداد أن الموقع الذي اكتسبته ناتج عن «اتقان لهجة ابناء البلد الأصلية، اضافة الى محاكاة الجمهور بأغنية منه وله، سواء بالايقاع الموسيقي أم بالكلمة الصادقة النابعة من صميم المجتمع». وبهذا المعنى، تُعدّ أغنية «قالت ديانا» التي أطلقتها منذ أيام دليلاً دامغاً على اتقانها اللهجة، وتقديمها الى المستمعين في مختلف الدول العربية بسلاسة وانسيابية. الأغنية التي كتبها الشاعر الاماراتي علي الخوار، ولحنها الكويتي فهد الناصر، ووزعها العراقي حسام كامل، تحاكي هواجس كل امرأة عربية ورغبتها في التعامل مع الرجل. هنا، بدت حداد امرأة قادرة على التحدي، ومتمردة على الانكسار أمام رجل لا يقدّر رقة النساء وبنيتهنّ العاطفية. ومنعاً لتحميل الموضوع أكثر من إطاره الغنائي، صرّحت حداد الى «الحياة» بأنها لم تغنِ تجربتها الشخصية مع الطلاق في هذه الأغنية، ولا توجه رسائل غنائية الى اي شخص، بل تعبّر عن واقع انساني تتقاسمه معظم النساء. وفي هذا الصدد، أكدت ديانا رفضها استثمار تجربة انسانية خاصة، أو «إستغلال الأزمات الشخصية لاصدار أغان من وحي المناسبات»، مشيرة الى ان خياراتها الغنائية «نابعة بالضرورة من مزاج الشارع، بغية التعبير عن هواجس الناس ومشاركتهم قضاياهم الانسانية». وكونها امرأة، تتحدث لغة النساء وتتطرق الى قضاياهن «كي يكون العمل صادقاً وملتزماً التوجه الاجتماعي، حتى لو قُدّمَ بإطار غزليّ». وتصدر أغنية «قالت ديانا» منفردة رغم أن الألبوم تم تجهيزه للإصدار مطلع العام الحالي، «لكن الأحداث التي شهدتها المنطقة العربية، فرضت تأجيل اصدار الألبوم كاملاً». وإذ تعد ديانا حداد فنانة بلا حاضنة شركات الانتاج، حيث تنتج لنفسها منذ وقت طويل، تخطت هذه المعضلة وأنهت تسجيل 18 أغنية منوعة بين اللون المصري واللبناني والخليجي، انتقت منها 12 أغنية لإصدارها في الألبوم.