أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس، أن بلاده تعرف «المحرّض» على الهجوم بطائرات من دون طيار (درون) على قاعدتيْ حميميم وطرطوس الروسيتيْن في سورية. وصرح بأنه تحادث هاتفياً مع الرئيس رجب طيب أردوغان، لافتاً إلى أن «لا علاقة» لأنقرة بالهجوم، الذي وصفه بأنه «محاولة للاستفزاز وتقويض العلاقات مع الشركاء، وبينهم تركيا». في المقابل، قال أردوغان لبوتين إن من المهم أن تتوقف هجمات النظام السوري على إدلب والغوطة الشرقية من أجل نجاح قمة سوتشي وعملية آستانة. وأتى اتصال بوتين بأردوغان بعد ساعات من إعلان وزارة الدفاع الروسية أنها تحقق لمعرفة أي دولة أنتجت متفجرات استخدمت في الهجمات على القاعدتيْن. وقال مدير قسم بناء وتطوير منظومة استخدام طائرات من دون طيار في هيئة الأركان الروسية الميجر جنرال ألكسندر نوفيكوف: «المواد المتفجرة... أُنتجت في دول عدة تشمل أوكرانيا». وأوضح أن «من المستحيل صناعة طائرات من دون طيار من هذا النوع محلياً»، موضحاً: «أثناء تصميمها واستخدامها، أُشرك خبراء تلقوا تدريبات خاصة في بلدان تصنع هذه المنظومات». وأضاف أن الدراسات الأولية تدل على استخدام مادة متفجرة هي رباعي نيترات خماسي إيريثريتول، وقال: «هذه المادة تُنتج في عدد من البلدان، بما في ذلك أوكرانيا، داخل مصنع شوستكا للمواد الكيماوية، ولا يمكن إنتاجها محلياً أو استخراجها من قذائف أخرى». وأضاف: «في الوقت الحالي تجرى دراسات خاصة لتحديد البلد الذي أُنتجت فيه المادة». ميدانياً، استعادت فصائل المعارضة السورية زمام المبادرة العسكرية في الريف الجنوبي لمحافظة إدلب، وأطلقت هجوماً معاكساً سمّته «رد الطغيان» أوقف تقدّم القوات النظامية وأجبرها على الانسحاب من محيط مطار أبو الضهور أمس، وسط معارك عنيفة من الكرّ والفرّ في قرى وبلدات كانت وقعت أخيراً تحت قبضة القوات النظامية (راجع ص3). انقلاب الصورة الميدانية في آخر معاقل فصائل المعارضة المقرّبة من تركيا، أتى بعد «ناقوس خطر» دقته أنقرة على مسمع شريكتيها في اتفاق «خفض التوتر»، موسكووطهران، أخيراً ومفاده أنها لن تقبل بتقدّم إضافي للقوات النظامية يهدد مناطق نفوذها في إدلب. وكان لافتاً استخدام «فيلق الشام» مدرّعات تركية في الهجوم المعاكس، مسجلاً بذلك الدخول الأول لمصفّحات تركية في معارك إدلب. وقد يكون ذلك إشارة إلى تمسّك أنقرة بإبعاد دمشق وحليفتها طهران عن قاعدة أبو الضهور الاستراتيجية. وفي محاولة لتخفيف آثار «تصدّع» روسي- تركي، أكد الكرملين أمس استمرار الاتصالات الوثيقة مع تركيا على مستويين: الأول لإنجاح اتفاق «خفض التوتر»، والثاني استكمالاً لتحضيرات مؤتمر «الحوار الوطني السوري» في سوتشي. غير أن التصريحات الديبلوماسية الخارجة من موسكو اختلفت عن تلك التي ترددت على الأرض في قاعدة حميميم، إذ بدت الأخيرة أكثر وضوحاً لناحية عزم روسيا على مواصلة دعمها هجوم النظام في إدلب والقضاء على «جبهة فتح الشام» (جبهة النصرة سابقاً المنضوية حالياً في صفوف «هيئة تحرير الشام»). وقال الناطق باسم القوات الروسية في «حميميم» ألكسندر إيفانوف، إن «على تركيا أن تعي تماماً أن الهجوم الذي تشنه القوات الحكومية (السورية) بدعم من القوات الجوية الروسية في منطقة خفض التصعيد في إدلب، لا يتنافى مع بنود الاتفاق». وأضاف في تصريحات نقلتها صفحة «القناة المركزية لقاعدة حميميم العسكرية»، أن «بنود الاتفاق نصت على عدم شمل التنظيمات المتطرفة باتفاق خفض التصعيد. تعهدنا سابقاً القضاء على تنظيم جبهة النصرة في جميع مناطق سورية في هذا العام». في غضون ذلك، وجّه أردوغان ما يُمكن وصفه ب «الإنذار الأخير» للولايات المتحدة، داعياً إياها مجدداً إلى وقف دعم المقاتلين الأكراد في الشمال السوري. وحذّر الدول الداعمة إنشاء دولة كردية، من أنها «سترى من تركيا ما يلزم»، مضيفاً أن «صبرنا ينفد إزاء جهود بعضهم الرامية إلى خلق حزام للإرهاب قرب حدودنا الجنوبية». ولفت إلى أن بلاده «ليست على الإطلاق الدولة التي يمكن أن تُفرض عليها سياسات الولاياتالمتحدة غير المتزنة في منطقتنا». واستدرك بالقول: «كما أننا لسنا مجبرين على دفع ثمن التقصير الأوروبي تجاه تطورات المنطقة». ولوّح أردوغان بشنّ عملية عسكرية في عفرين الخاضعة لسيطرة المقاتلين الأكراد، مؤكداً أن هذه المنطقة تقع ضمن حدود «الميثاق الوطني» لتركيا، ما يعطيها حق المشاركة في تقرير مصير مناطق خارج حدودها الجغرافية، كالموصل وحلب وكركوك ومناطق باليونان وبلغاريا.