اتهمت أنقرة النظام السوري باستهداف مقاتلي المعارضة المعتدلة تحت غطاء العملية العسكرية ضد المتشددين في محافظة إدلب القريبة من الحدود التركية، محذّرة من أن هذه التطورات قد تقوّض «مؤتمر الحوار الوطني السوري» في سوتشي نهاية الشهر الجاري. وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أمس، أن القوات النظامية «تستهدف مسلحي المعارضة المعتدلة تحت غطاء مكافحة جبهة النصرة سابقاً»، مشيراً إلى أن «هذا الموقف يمكن أن يقوّض التسوية السياسية للأزمة»، كما نقلت عنه وكالة أنباء «الأناضول». وتشن القوات النظامية منذ 25 كانون الأول (ديسمبر) هجوماً للسيطرة على الريف الجنوبي الشرقي لإدلب، المحافظة الوحيدة الخارجة عن سلطة دمشق وتسيطر عليها في شكل رئيسي «هيئة تحرير الشام». ويأتي هجوم النظام قبل أسابيع على مؤتمر «الحوار الوطني السوري» الذي من المفترض أن يعقد يومي 29 و30 الشهر الجاري ويجمع ممثلين عن دمشق والمعارضة في منتجع سوتشي الروسي، على رغم إعلان الكثير من أطراف المعارضة مقاطعته. وشدد أوغلو على أن «الذين سيتوجهون إلى سوتشي يجب ألا يرتكبوا هذه الأفعال». وذكر مصدر أمني تركي أن أنقرة تتابع التطورات في شمال سورية عن كثب، لكنه أفاد بأن معظم المناطق التي استعادتها القوات النظامية يقع «خارج مناطق خفض التوتر». وقبل بدء عملية النظام السوري العسكرية، نشرت تركيا قوات في محافظة إدلب لإقامة مراكز مراقبة في إطار مناطق «خفض التوتر» التي اتفقت عليها موسكووأنقرة وطهران في محادثات آستانة، لكن سجِّلت أخيراً خلافات عميقة بين تركيا وروسيا في شأن تمثيل الفصائل الكردية المسلحة في سوتشي ومصير الرئيس السوري بشار الأسد الذي يواصل نظيره التركي رجب طيب أردوغان المطالبة بتنحيه، مستبعداً أي حل طالما بقي في السلطة. إلى ذلك، جدد الرئيس رجب طيب أردوغان تهديداته بشنّ هجوم على مناطق سيطرة القوات الكردية في الشمال السوري، خصوصاً في عفرين ومنبج. وقال في تصريحات أمام الكتلة البرلمانية لحزب «العدالة والتنمية» الحاكم أمس، أن عمليات «درع الفرات» التي تدعمها أنقرة ستستمر في منبج وعفرين. وكانت تركيا أطلقت عام 2016 عملية «درع الفرات» على الحدود مع سورية بهدف القضاء على ما وصفته ب «ممر الإرهاب المتمثل في خطر تنظيم داعش والمقاتلين الأكراد السوريين». وأتى ذلك غداة تعرّض آلية عسكرية تركية لهجوم قرب دارة عزة في ريف حلب الغربي، كانت جزءاً من رتل عسكري دخل الأراضي السورية، للانتشار قرب قلعة سمعان أول من أمس. في غضون ذلك، جدد مسؤول أميركي في تصريح لوكالة «الأناضول» دعم واشنطن «وحدة التراب السوري». ونفى تقارير عن اعتراف أميركي مرتقب باستقلال المناطق التي تسيطر عليها «قوات سورية الديموقراطية» (قسد) المدعومة من التحالف الدولي، والتي تشكل الوحدات الكردية غالبية عناصرها. وقال المسؤول الذي رفض الكشف عن هويته: «ندعم وحدة التراب السوري، وقيام دولة سورية موحدة، ديموقراطية تتمتع فيها الطوائف كافة بحقوقها، ونطالب كل الجماعات فيها بالتضامن والتحرك المشترك». وشدد على أن «الشعب السوري سيدعم مستقبل بلاده من خلال عملية الانتقال السياسي، والانتخابات كما نصّ قرار مجلس الأمن الرقم 2254». ويدعو القرار المذكور إلى بدء محادثات السلام في سورية، مع تأكيد أن الشعب السوري هو من يقرر مستقبل البلاد. ويطالب بتشكيل حكومة انتقالية وإجراء انتخابات في رعاية دولية. وأكدت وزارة الخارجية الأميركية استمرار مهمة قوات التحالف في سورية، مشيرةً إلى أن النظام لا يتمتع بقوة كافية تخوله محاربة تنظيم «داعش».