حول محاكمة المثقفين نسأل صالح الشهوان هل يراها لوزارة العدل أم لوزارة الثقافة؟ ويجيب بحرقة «لا يجرجر المثقفين ويزج بهم في ساحات المحاكم إلا التزمت والتطرف والتعصب»، ويشرح حكاية المثقفين مع المحاكم بقوله : «بدأت الحكاية من سقراط قبل 2500 سنة اتهموه بالإلحاد، لأنه كان يعلم شباب أثينا أن لا وجود لإلهة متعددة، وإنما هناك إله واحد». ويضيف: «في العصور الوسطى (1633) قاد كرادلة الكنيسة في محكمة التفتيش في روما حملتهم ضد جاليليو وكتابه «حوار» وصموه بالهرطقة، لأنه دافع عن نظرية كوبرنيكس عن دوران الأرض، أحرقوا كتابه وأرغموه على تسفيه نفسه». ويستطرد قائلاً: «حفظ له التاريخ كلماته وهو يخرج من المحكمة (لكنها تدور)». ويتابع: «كذلك أعمى التعصب الولاياتالمتحدة الأميركية (زعيمة العالم الحر) في خمسينات القرن الماضي، جعلت ضغائن السيناتور جوزيف مكارثي تلقي بعديد من مثقفي أميركا وفنانيها في السجن بتهمة الشيوعية أو العمالة لها». ويزيد: «كما أرغم فقه الكريملين في العهد السوفياتي بوريس باسترناك صاحب رواية «دكتور زيفاكو» التي نال عليها جائزة نوبل للتنازل عن الجائزة». ويرحل بنا الشهوان للعالم العربي وحكايا المثقفين مع المحاكم فيذكر لنا «أما عربياً فشهيرة محاكمة طه حسين على كتابه «الشعر الجاهلي»، ومحاكمة علي عبدالرازق على كتابه «الإسلام وأصول الحكم». ويحلل الأمر برمته «إنها، أخي خالد، المعايير في المكان الخطأ، ومن الخطورة تطبيق المعايير الفقهية على الإبداع الثقافي أو العلمي، لأنهما يولدان أصلاً بقوانينهما الخاصة، وإقحام المعايير الفقهية يعني إعادة كتابة النص على مقاس ما يراه الفقيه أو تعديل النظرية العلمية أو القانون وفقاً لرؤيته، وهنا يشترط أن يكون الفقيه مبدعاً وعالماً، علاوة على كونه فقيهاً وهو طبعاً ممكن الحدوث فقط بالإخلاص لمعايير كل مجال على حدة». ويختم بقوله: «إن كان ولا بد من محاكمة المثقفين، فلدينا نظام للمطبوعات ونظام حقوق الملكية الفكرية، فلتكن الوزارة والوزارة كثير!».