يودّع الميدان السوري سنة 2017 بمحاور مشتعلة على جبهات عدّة في آخر معاقل المعارضة في البلاد، خصوصاً في الغوطة الشرقيةلدمشق وريفي حماة وإدلب، حيث تسعى القوات النظامية بدعم جوي روسي إلى تحقيق مزيد من التقدّم على حساب فصائل المعارضة، بعد تمكّنها أخيراً من السيطرة على ريف دمشق الجنوبي الغربي عبر إجلاء المسلحين إلى إدلب ودرعا، ما جعله خالياً من الفصائل للمرة الأولى منذ بدء القتال. ولم يفوّت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مناسبة حلول العام الجديد من دون «تهنئة» نظيره السوري بشار الأسد، وتأكيده مجدداً استمرار عمل القوات الروسية في سورية، في إطار مساعدة القوات النظامية في الدفاع عن «سيادة» البلاد. في غضون ذلك، توقع وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس زيادة الوجود المدني الأميركي في سورية، بما يشمل متعاقدين وديبلوماسيين، مع اقتراب المعركة ضد تنظيم «داعش» من نهايتها وتحوّل التركيز إلى إعادة البناء وضمان عدم عودة المتشدّدين. وقال: «سترون مزيداً من الديبلوماسيين الأميركيين على الأرض... وسيعملون على إعادة الخدمات واستقدام المتعاقدين». وأضاف: «هناك أموال دولية تنبغي إدارتها لتثمر شيئاً، ولا ينتهي بها الأمر في جيوب الأشخاص الخطأ». وحذر من تدخل القوات النظامية السورية لتعطيل الخطط الأميركية، معتبراً أن ذلك «سيكون خطأ على الأرجح». وهذه المرة الأولى التي يتحدث فيها ماتيس عن زيادة عدد الديبلوماسيين في المناطق المستعادة من «داعش». وكان مسؤول رفيع في البيت الأبيض كشف مساء أول من أمس، أن الولاياتالمتحدة أكدت لإسرائيل عزمها إبقاء قوات أميركية في سورية تصدياً للنفوذ الإيراني. ونقلت «القناة العاشرة» الإسرائيلية عن المسؤول قوله إن مستشار رئيس الوزراء الإسرائيلي لشؤون الأمن القومي مائير بن شبات، أعرب أثناء المفاوضات بين واشنطن وتل أبيب أخيراً، عن بالغ اهتمام إسرائيل بالخطط الأميركية في شأن سورية، خصوصاً الديبلوماسية، بهدف وضع حد للحرب الدائرة. وأوضح: «قلنا للإسرائيليين بكل وضوح إننا سنبقى في سورية، سواء بقواتنا المسلحة أو بالمشاركة في أي صفقة ديبلوماسية مقبلة في البلاد». في غضون ذلك، تُظهر المعارك القاسية على أطراف محافظتَي إدلب وحماة، عزم موسكوودمشق على مواصلة العملية العسكرية في ريف محافظة إدلب، مركز ثقل «جبهة فتح الشام» (جبهة النصرة سابقاً)، الذي أكّد وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف سابقاً، أن دحرها سيكون هدف بلاده المقبل في سورية. أما تركيا التي ترى في محافظة إدلب منطقة نفوذ لها، خصوصاً لجهة علاقتها المتينة بفصائل المعارضة المتمركزة فيها، فجدّدت عزمها على القضاء على «وحدات حماية الشعب» الكردية الناشطة في الشمال السوري. وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في تصريحات أمس، إن بلاده ستكرّر ما فعلته ضد تنظيم «داعش» في سورية مع «وحدات حماية الشعب» الكردية. وفيما شدّد على رغبة أنقرة في التعاون مع واشنطن في سورية، اتهمها بتعزيز «شراسة» عناصر ال «وحدات» عبر مواصلة دعمها المجموعات الكردية، مشكّكاً في مدى رغبة الولاياتالمتحدة في التعاون. ودعا جميع الأطراف إلى «القبول بحقيقة أننا سنسحق هذا التنظيم الإرهابي (الوحدات الكردية) بطريقة أو بأخرى، وفي وقت ليس ببعيد»، في ردّ غير مباشر على تحذير أطلقه وزير الدفاع الأميركي لدمشق الجمعة، من أن أي هجوم على القوات الكردية في سورية سيكون «خطأ». وطغت المعارك الميدانية على المشهد السياسي، إذ تواصلت المعارك العنيفة بين القوات النظامية من جهة، و «هيئة تحرير الشام» وفصائل مقاتلة في ريف إدلب الجنوبي الشرقي. وتمكن النظام أمس من تحقيق تقدم جديد والسيطرة على بلدات وقرى، في إطار سعيه إلى السيطرة على هذه المنطقة، وتأمين طريق استراتيجي محاذٍ له يربط مدينة حلب بالعاصمة دمشق. في المقابل، أعلنت فصائل المعارضة استعادة السيطرة على تل سكيك الاستراتيجي في ريف إدلب الجنوبي، وسط قصف «جنوني» تعرضت له بلدات أبو دالي والمشيرفة وتل مرق في ريف إدلب الجنوبي الشرقي.