فرضت «غرفة العمليات العسكرية» التي تديرها «وكالة الاستخبارات المركزية» الأميركية (سي آي أي) على جميع فصائل المعارضة السورية «المعتدلة» الاندماج في كيان واحد، في خطوة يُعتقد أنها ترمي إلى قتال «هيئة تحرير الشام» التي تضم تنظيمات بينها «فتح الشام» (النصرة سابقاً). وتبلغت فصائل أخرى من أنقرة الاستعداد بعد الاستفتاء على الدستور لعملية عسكرية مشابهة ل «درع الفرات» بدعم من الجيش التركي للهجوم على الرقة من تل أبيض على الحدود السورية- التركية، ما يعني الصدام مع الأكراد الذين تدعمهم واشنطن (للمزيد). وقال قيادي معارض ل «الحياة»، إن مسؤولين في «غرفة العمليات العسكرية» جنوبتركيا المعروفة باسم «موم» أبلغوا قياديين في فصائل مدرجة على قوائم الدعم المالي والعسكري ب «وجوب الاندماج في كيان واحد برئاسة العقيد فضل الله حاجي القيادي في فيلق الشام قائداً عسكرياً للكيان الجديد، مقابل استئناف دفع الرواتب الشهرية لعناصر الفصائل وتقديم التسليح، بما فيه احتمال تسليم صواريخ تاو أميركية مضادة للدروع». ويشمل القرار بين 30 و35 ألف عنصر في فصائل تنتشر في أرياف حلب وحماة واللاذقية ومحافظة إدلب، بينها «جيش النصر» و «جيش العزة» و «جيش إدلب الحر» و «جيش المجاهدين» و «تجمع فاستقم» والفرقتان الساحليتان. وكانت «غرفة العمليات» جمدت بعد تسلم إدارة الرئيس دونالد ترامب الدعم للفصائل إلى حين توحدها في فصيل واحد أو تشكيل غرفة عمليات مشتركة لتنسيق المعارك مستقبلاً، بعد إعلان «فتح الشام» في بداية السنة تشكيل كيان من فصائل إسلامية متطرفة، بينها جناح في «أحرار الشام» برئاسة هاشم جابر، باسم «هيئة تحرير الشام». وقال القيادي: «سي آي أي فرضت الاندماج على المشاركين ولم يبق أمامنا سوى القبول بها»، لافتاً إلى احتمال أن يكون هذا تمهيداً لخوض معركة ضد فصائل إرهابية تضم أكثر من 30 ألف عنصر ينتشرون في ريفي إدلب وحماة. وسيكون موقف «حركة أحرار الشام» حاسماً إزاء رجحان كفة أحد الفريقين، إذ يُتوقع أن تمارس واشنطن ضغطاً على الحركة للانضمام إلى التكتل الجديد الذي سيعلن عنه بعد أيام أو على الأقل تنسيق العمليات العسكرية، خصوصاً بعد البيان الأخير للمبعوث الأميركي إلى سورية مايكل راتني الذي اعتبر فيه «أحرار الشام جزءاً من الثورة السورية» مقابل حملة انتقاد على «النصرة» على رغم تغيير اسمها وتحالفاتها. وفي حال حصلت المواجهة، سيؤدي ذلك إلى تفكك «جيش الفتح» الذي يسيطر على محافظة إدلب منذ ربيع العام 2015 ويضم فصائل بينها «أحرار الشام» و «النصرة»، إضافة إلى تشتيت «جبهات القتال» في معارك ريف حماة التي شهدت في اليومين الأخيرين استعادة القوات النظامية مناطق واسعة كانت خسرتها أمام فصائل إسلامية وأخرى من «الجيش الحر». وكان قائد «وحدات حماية الشعب» الكردية سبان حمو، أبلغ «الحياة» احتمال خوض قوات كردية وعربية معركة ضد «النصرة» في إدلب، فيما قال مسؤول آخر إن تأسيس الجيش الروسي مركزاً له في عفرين شمال غربي حلب يرمي إلى تدريب عناصر الأكراد وفصائل معتدلة لتنفيذ عملية مشتركة للسيطرة على إدلب في حال لم يحصل تنسيق عسكري أميركي- روسي إزاء تحرير الرقة من قوات كردية- عربية بدعم من الجيش الأميركي. وأوضح ديبلوماسي غربي أمس أن «هناك سباقاً علنياً أميركياً- روسياً على الرقة وآخر خفياً على إدلب». وتزامن هذا مع إبلاغ أنقرة قياديين في فصائل من «الجيش الحر» بالاستعداد للتوغل من مدينة الباب إلى الرقة، حيث جرى تشكيل قوة من أربعة آلاف عنصر من فصائل بينها «جيش الإسلام» و «صقور الشام» و «فاستقم» و «جيش المجاهدين»، يخضع عدد منهم للتدريب والتسليح استعداداً لمعركة يدعمها الجيش التركي مشابهة ل «درع الفرات»، على أن يبدأ الهجوم بعد إجراء الاستفتاء في تركيا في منتصف نيسان (أبريل). وربط مراقبون بين القرار التركي ونتائج زيارة وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون إلى أنقرة وإصرار واشنطن على الاعتماد على «وحدات حماية الشعب» الكردية على رغم تحفظات تركيا التي تتخوف من ربط الأقاليم الكردية وقيام «كردستان سورية» مشابهة ل «كردستان العراق» على حدودها. وأعلن الجيش التركي في بيان: «نواصل عملياتنا لحماية أمننا القومي والحيلولة دون (وجود) أي كيان غير مرغوب فيه والسماح لإخوتنا السوريين المشردين بالعودة إلى بلادهم والحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة». وكان مجلس الأمن القومي التركي أعلن قبل يومين أن «درع الفرات» التي تشكلت في آب (أغسطس) الماضي أنجزت مهمتها، لكن مسؤولين أتراكاً لم يستبعدوا دعم عمليات بأسماء جديدة في سورية. وأعلنت «قوات سورية الديموقراطية» أمس، أن أكثر من سبعة آلاف شخص فروا خلال أسبوع من منطقة الطبقة الخاضعة ل «داعش» التي تقع على بعد 40 كيلومتراً غرب مدينة الرقة، وسط توقع قياديين أكراد أن معركة تحرير الرقة من «داعش» قد تستغرق بضعة أشهر. وانتهت أمس الجولة الخامسة من مفاوضات جنيف بين وفدي الحكومة السورية و «الهيئة العليا للمفاوضات» المعارضة وأطراف معارضة أخرى من دون حصول اختراق باستثناء بدء مناقشات حول «السلال الأربع» التي تشمل تشكيل الحكم الجديد وصوغ دستور والإعداد للانتخابات ومحاربة الإرهاب، في وقت ارتبط مصير الجولة المقبلة في أيار (مايو) باحتمال بقاء المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا في منصبه أو تعيين خليفة له قد تكون المبعوثة الأممية إلى لبنان سيغريد كاغ. وأعلنت البعثة الأميركية في نيويورك في بيان على صفحتها في «فايسبوك»، أن نصف السوريين نزحوا عن بيوتهم. وقالت: «استخدام التجويع كسلاح من أسلحة الحرب أمر غير مقبول. وينبغي على مجلس الأمن أن يدين بشدة دمشق وحلفائها لاستخدامهم غير الأخلاقي للحرمان من المواد الغذائية والطبية الأساسية كأداة لإجبار الشعب السوري على الاستسلام».