أعلن الناطق الرسمي باسم وزارة النفط العراقية عاصم جهاد، أن عقود التراخيص الموقعة مع شركات النفط العالمية تلزم الأخيرة بإنشاء منظومات استثمار الغاز المصاحب، مؤكداً أن العراق قادر على دخول قائمة الدول المصدرة للغاز الطبيعي عام 2019. وتبادلت وزارتا النفط والكهرباء العراقيتين خلال الأسبوعين الماضيين التهم إثر تراجع معدلات تجهيز المواطن بالطاقة الكهربائية، لأسباب أكدت وزارة الكهرباء أنها تعود إلى تقاعس وزارة النفط عن تأمين كامل حاجات محطات التوليد الحراري بمادة الغاز الطبيعي. وأجبرت وزارة الكهرباء العراقية بموجب عقد وقع في 22 تموز (يوليو) 2013 هو الأول من نوعه مع وزارة النفط الإيرانية لتجهيزها بالغاز الطبيعي، على تأمين كمية تصل إلى خمسة ملايين متر مكعب يومياً، لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد، وبسعر السوق العالمية، ما اعتبره العراق الحل الأمثل للخروج من مأزق توفير طاقة كاملة على مدار الساعة للعراقيين. وأقر جهاد بوجود «مشكلة في الكميات المنتجة من الغاز الطبيعي المصاحب لاستخراج النفط». وأكد في مقابلة مع «الحياة» أن «العراق لم يستثمر طوال العقود الماضية هذه الثروة، أي الغاز المصاحب، حيث يتم حرقه بالكامل حتى وصلت الكميات المحروقة أو المهدورة إلى 700 مليون قدم مكعبة، ما يعتبر رقماً قياسياً». ويُذكر أن شركة «شل» النفطية أكدت أن «العراق يحرق يومياً 700 مليون قدم مكعبة من الغاز المستخرج من الحقول التي تستخدمها الشركة المذكورة، أي ما يكفي لتوليد 4500 ميغاواط يومياً من الكهرباء. وأضاف جهاد: «بعد البدء بما يعرف بجولات التراخيص استثمار حقول النفط، وضعت في بنود الاتفاقات مع الشركات كافة بنود تلزم الأخيرة بنصب منظومات جمع الغاز ومعالجته وضخه إلى مواقع الاستهلاك». ولفت إلى أن «العراق بدأ فعلاً باستثمار الغاز المصاحب لاستخراج النفط الخام»، مشيراً إلى «توقيع اتفاق مع شركتي ميتسوبيشي وشل لاستثمار الغاز المصاحب في حقل الرميلة جنوبالعراق، وحالياً تتصاعد كميات الغاز المنتج وتتضاءل كميات الهدر». وأكد أن «خلال السنوات الثلاث المقبلة سيكون بمقدور العراق الاستفادة من كميات إنتاج تصل إلى بليوني قدم مكعبة من الغاز الطبيعي في الحقل المذكور وحده»، مشيراً إلى أن «بعضها أنجز فعلاً، حيث ربطت محطات تصفية الغاز المصاحب من حقل الأحدب في واسط بمحطات توليد الطاقة في المحافظة، والأمر ذاته حصل في حقول الناصرية وبعض حقول ميسان». وأوضح أن «العراق سيعلن رسمياً الوصول الى مرحلة الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي عام 2019، بعدها يمكن البدء بمرحلة التصدير». وفي شأن مشروع مد أنابيب الغاز بين العراقوإيران وسورية، ومن ثم إلى أوروبا عبر تركيا والربط العربي، قال إن «هذا المشروع مستمر كونه من المشاريع الإستراتيجية المهمة». وأعلنت إيران رسمياً بدء تنفيذ عقدها مع العراق لتجهيزه بمادة الغاز الطبيعي لثلاث سنوات، وتوقعت «الشركة الهندسية للغاز الإيراني» أن تدر الصادرات الجديدة عائدات تبلغ 3.7 بليون دولار سنوياً ثمن كميات مصدرة تراوح بين خمسة و10 ملايين متر مكعب يوماً. وقال المدير الإداري للشركة علي رضا غريبي: «بعد اكتمال المشروع تستطيع إيران أن تصدر خمسة ملايين متر مكعب يومياً من الغاز الطبيعي للعراق كمرحلة أولى وقد تصل الصادرات إلى 10 ملايين متر مكعب يومياً في المراحل المقبلة» مشيراً إلى أن نسبة انجاز خط أنبوب الغاز من إيران إلى العراق بلغت 75 في المئة». وأكد وزير الكهرباء العراقي عبدالكريم عفتان أهمية هذا العقد «الذي سيوفر الغاز الطبيعي لتشغيل محطة المنصورية الغازية في محافظة ديالى، ومحطتي القدس والصدر الغازيتين في محافظة بغداد، حيث تكفي هذه الكمية لتوليد طاقة مقدارها 2500 ميغاواط». وأشار الى أن «العراق يخسر 30 في المئة من الطاقة المنتجة بسبب تشغيل الوحدات الغازية بالوقود البديل، الغاز أويل والنفط الأسود، وبتنفيذ هذا العقد ستضاف 30 في المئة من هذه الطاقات إلى القدرة الإجمالية». وتنتج إيران حالياً 600 مليون متر مكعب من الغاز يومياً، تصدّر 37 مليوناً منها، وبعد إنجاز حقل بارس الجنوبي للغاز فإن الإنتاج سيصل إلى 1.2 بليون متر مكعب. وأكد الخبير النفطي الحكومي حمزة الجواهري أن «عملية استثمار الغاز المصاحب صعبة ومعقدة، وقبل تجهيز مواقع الاستهلاك هناك سلسلة من المراحل لتطهيره من مواد أخرى أهمها الماء والكبريت ومواد حمضية أخرى». ولفت إلى أن «بناء محطات معالجة الغاز يجب أن تكون مرافقة لمحطات الاستخراج، فلا يمكن نقله بواسطة أنابيب قبل المعالجة لوجود أحماض قادرة على تدمير أي معادن تصنع منها أنابيب النقل». وأعلن «بدء استثمار الغاز المصاحب في بعض مواقع آبار نفط الجنوب، كما اتفقنا مع الشركات النفطية على منحها حصة من الغاز المنتج مقابل خدماتها، وهذا الأمر مربح للعراق الذي يحرق الغاز المصاحب». وعن سعي طهران إلى بيع غاز في أسواق أوروبا، قال الجواهري: «أوروبا تعتمد على أربعة منافذ لتأمين غازها، أبرزها روسيا، إضافة إلى الجزائر، ولا يمكن أوروبا الوصول إلى مرحلة إشباع غازي وترحب بأي مصادر أخرى بينها الغاز من الخليج وإيران».