إسلام آباد، كابول، واشنطن - أ ف ب، رويترز - أعلن رئيس الوزراء الباكستاني يوسف رضا جيلاني قبل لقائه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في باريس أمس، أن بلاده تحتاج الى مساعدة من العالم أجمع لمواجهة الإرهاب. وقلل جيلاني من قيمة الانتقادات التي وجهت الى باكستان، بسبب عدم تنبهها لوجود زعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن على أراضيها، قائلاً إن «اختباء بن لادن في مكان غير بعيد عن أكاديمية عسكرية باكستانية يشير الى فشل العالم كله إضافة الى الولاياتالمتحدة في مطاردته». وكان وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه انتقد الإبهام في موقف باكستان وعدم كشفها لجوء بن لادن إليها، وذلك قبل عشاء عمل جمعه مع جيلاني أول من أمس. ودعا جيلاني الذي التقى أيضاً أمس رئيس الحكومة الفرنسية فرانسوا فيون، المسؤولين الغربيين الى عدم بث رسائل «سلبية» عن بلاده، بل لتوجيه رسائل إيجابية إليها. وأضاف: «دفعت باكستان ثمناً باهظاً حتى الآن، وضحت بحوالى 30 ألف شخص في مواجهتها للإرهاب الذي يشكل المشكلة رقم واحد لها، وهذا العدد أكبر بكثير من قتلى دول الحلف الأطلسي (ناتو) كلها». وتابع: «إننا وسط حرب ضد الإرهاب، ولدينا الإرادة في مكافحة التطرف والإرهاب، لكن الأمن ومواجهة الإرهاب والتطرف ليس مهمة دولة واحدة، ويجب اعتماد استراتيجية عالمية شاملة لمواجهة الإرهاب». ولم يمنع كلام جيلاني تكرار جوبيه أمس في حديث الى محطة «فرانس 24» الإخبارية الدولية، أن «وجود بن لادن في مدينة أبوت آباد الباكستانية، طيلة سنوات يشير الى فشل الأجهزة الباكستانية، إنه أمر لا يقبل الجدل». لكن جوبيه أكد ضرورة تجنب أي خلاف مع باكستان، التي قال إنها «بلد كبير، لدينا مصلحة بأن تكون علاقاتنا جيدة معها، لكن يجب أن تتعاون». وكشف أن جيلاني أكد له خلال عشاء العمل رغبته في التعاون لتسوية الأوضاع في أفعانستان، «لأن وجودنا هناك لم يكن يهدف الى قتل بن لادن، بل مساعدة الحكومة الأفغانية على بسط سلطتها على كل أراضيها وتأمين السلام والديموقراطية للمواطنين. وأسف لعدم تحقق هذا الهدف حتى الآن وتساءل إذا كان مقتل بن لادن سيتيح تحقيق تقدم وقال: «أتمنى ذلك». ولم يستبعد جوبيه إمكان سحب فرنسا قواتها من أفغانستان قبل عام 2014، مشيراً الى أن بلاده تفكر بهذا الاحتمال على غرار الأميركيين. ورداً على إعلان مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي أي) ليون بانيتا أول من أمس، أن الولاياتالمتحدة نفذت العملية ضد بن لادن من دون اطلاع السلطات الباكستانية بها خوفاً من فضحها، رفض وزير الخارجية الباكستاني سلمان بشير مخاوف هذه التعليقات، وقال ل «هيئة الإذاعة البريطانية» (بي بي سي): «هذا رأي مزعج وليس في محله، إذ نلعب دوراً محورياً في محاربة الإرهاب». وزاد: «من حق بانيتا التعبير عن آرائه، لكننا نتعاون مع بلاده على نطاق واسع، واشتبهنا بالمجمع الذي قُتل فيه بن لادن في أبوت آباد منذ بعض الوقت، وأعلمنا الولاياتالمتحدة بذلك عام 2009، كما وفرنا معلومات عن ملايين المواقع الأخرى المحتملة على الحدود بين باكستانوأفغانستان». وأضاف إن «أجهزة الاستخبارات الأميركية تملك بالتأكيد أجهزة متطورة كثيرة لتقويم الموقع وتقديره»، علماً أن باكستان انتقدت أول من أمس تنفيذ الولاياتالمتحدة العملية على أراضيها من دون إبلاغها. انتقادات لنواب أميركيين في المقابل، انتقد برلمانيون أميركيون بشدة عدم كشف باكستان مكان اختبائه قرب أكاديمية عسكرية في أبوت آباد، وبينهم رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ جون كيري الذي خالف دعواته المعهودة للتقارب بين الولاياتالمتحدةوباكستان ورأى أن مقتل بن لادن أظهر «مدى استمرار تهديد الملاذات التي تضم متطرفين في باكستان آمال السلام في أفغانستان». وأعلن كيري أنه سيتوجه الى أفغانستان في 14 الشهر الجاري للقاء الرئيس حميد كارزاي ومسؤولين آخرين، كي يبحث معهم مرحلة ما بعد مقتل أسامة بن لادن. بدوره، اتهم السناتور الجمهوري جون كورنين باكستان «بإيواء» العقل المدبر لاعتداءات 11 أيلول، وقال: «حان الوقت لمراجعة بلايين الدولارات التي قدمت كمساعدات سنوية لهذا البلد». وأضاف: «يجب أن نكون حذرين. لا أعتقد بأن أحداً بيننا يعيش في وهم أن باكستان تكرس نفسها لخدمة الولاياتالمتحدة». وكان مشرعون أميركيون التقوا مدير الاستخبارات المركزية الأميركية ليون بانيتا. ووصف الناطق باسم البيت الأبيض جاي كارني أول من أمس العلاقات الأميركية الباكستانية بأنها «مهمة ومعقدة». أما الناطق باسم وزارة الخارجية مارك تونر، فقال إن «المساعدة لباكستان تخدم في وقت واحد مصلحة باكستان على المدى الطويل، والمصلحة القومية لأمن الولاياتالمتحدة». ...وأسئلة أفغانية وفي أول تعليق مباشر من كابول، أعلنت وزارة الدفاع أن وكالة الاستخبارات الباكستانية كان يجب أن تعرف باختباء بن لادن قرب العاصمة إسلام آباد، وقال الناطق باسمها ظاهر عظيمي: «أثارت القضية تساؤلات حول قدرة باكستان على حماية أسلحتها النووية في شكل مناسب». وأضاف: «حين نتحدث عن مكان المنزل والأكاديمية العسكرية القريبة، كان يجب على الأقل معرفة النشاطات التي تدور داخل المنزل ومن يقيم فيه»، وسأل: «كيف يمكن أن يتأكد العالم أن الأسلحة الاستراتيجية والذرية لن تتعرض لخطر في المستقبل»؟ راسموسن وفي بروكسيل، صرّح الأمين العام للحلف الأطلسي (ناتو) أندرس فو راسموسن بأن «الحلف يجب أن يزيد تعاونه مع باكستان لضمان التوصل الى حل طويل الأمد للصراع في افغانستان، على رغم قتل بن لادن». وتابع: «يبرر ذلك أيضاً بذلنا بعض الجهد لتطوير شراكتنا مع باكستان، ومتابعة التواصل الايجابي معها كي نمضي قدماً في هذا المسار». شيخ الأزهر في القاهرة، اعتبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب ان مقتل زعيم «القاعدة» لن يقضي على الارهاب الذي ينبع من ممارسات اسرائيل «التعسفية»، ومن تعامل الغرب مع بعض الملفات ب «مكيالين». وأكد ان حل المشاكل في العالم «يحصل عبر إقامة العدل وعدم الكيل بمكيالين كما يفعل الغرب في بعض القضايا».