بدأ لبنان يستعد لخطى سريعة للانضمام إلى الدول المنتجة للنفط مع موافقة مجلس الوزراء في جلسته أمس، من دون أي تحفظ، على العرض المقدم من ائتلاف شركات «توتال» الفرنسية و«إيني» الإيطالية و«نوفاتيك» الروسية للتنقيب عن النفط والغاز في المياه الخالصة الاقتصادية اللبنانية على أن تباشر بالتنقيب عام 2019 في البلوكين الجنوبي (9) والشمالي (4) في ضوء التقديرات الأولية بأن عملية الحفر تصل إلى أعماق فوق 4400 متر في البحر. ونقلت وكالة «رويترز» عن الوزير أبي خليل تأكيده، بعد الجلسة، «أن لبنان سيبدأ علميات الحفر الاستكشافية لآبار النفط والغاز بالبحر بداية عام 2019. وعلمت «الحياة» من مصادر وزارية أن السجالات غابت كلياً لدى مناقشة تلزيم التنقيب عن النفط والغاز، وأن جميع الوزراء «أظهروا مسؤولية وطنية عالية وتبنوا ما تقدم به وزير الطاقة سيزار أبي خليل». وعزت السبب إلى حرصهم الشديد على ألا يتصرفوا أمام الرأي العام وكأنهم يعيقون المباشرة بالتنقيب عن ثروات النفط والغاز الموجودة في المنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان، فيما تعاني البلاد من مشكلات اقتصادية ومالية، يفترض أن يساهم استخراجهما في التخفيف منها وفي تراجع نسبة خدمة الدين العام المترتب على تزايد العجز في الموازنة العامة للدولة. وكشفت المصادر أن وزراء اقترحوا إدراج العائدات المرجوة من النفط والغاز في صلب الخطة الاقتصادية للدولة بغية ضبط الهدر، إضافة إلى أن وزير التربية مروان حمادة اقترح إنشاء صندوق سيادي يتبع مباشرة إلى مجلس الوزراء. ولفتت المصادر إلى أن حصة الدولة من النفط والغاز تقوم على معادلة علمية تعتمد على الكميات المستخرجة والاستثمارات في هذا المجال والأسعار العالمية للمشتقات النفطية، وقالت إن تلزيم عملية التنقيب جاء لمصلحة ائتلاف من الشركات العالمية المعترف بها دولياً. وقالت إن تلزيم البلوك الشمالي (4) جاء بنسبة تزيد على 7 في المئة من 100 دولة مشابهة بينما تتساوى في البلوك الجنوبي (9) مع 100 دولة مشابهة. وأكدت أن مجلس الوزراء أثنى على المعادلة المالية التي يمكن لبنان الإفادة منها شرط العودة إلى مجلس الوزراء في ضوء حجم الاكتشافات من نفط وغاز. وبالنسبة إلى استحداث سفارة للبنان في القدس، على أن يصار إلى تبادل العقارات بين لبنان ودولة فلسطين لإقامة سفارتين للبلدين، وبناء على اقتراح وزير الخارجية جبران باسيل، فإن مجلس الوزراء اعتبر أنها خطوة متقدمة على طريق تأكيد أن القدس عاصمة دولة فلسطين. وارتأى مجلس الوزراء، وبناء على اقتراح الرئيس الحريري، تشكيل لجنة وزارية برئاسته وعضوية نائب رئيس الحكومة وزير الصحة غسان حاصباني، إضافة الى باسيل وحمادة، علي حسن خليل ونهاد المشنوق ومحمد فنيش، تتولى درس الموضوع تمهيداً لوضع تصور نهائي، خصوصاً أن المطلوب أن تكون السفارة اللبنانية في القدس من دون تفريق بين شرقية وغربية لأنه يمكن إسرائيل أن تستغل استحداث السفارة في الشرقية باعتباره تسليماً لها باحتلالها الجزء الغربي منها. وعلمت «الحياة» أن طرح باسيل إقامة سفارة لبنانية في القدس فتح الباب أمام النقاش حول المبادرة العربية للسلام، إذ إن «حزب الله» ومعه وزير الدولة علي قانصو (الحزب السوري القومي الاجتماعي) تحفظا عن المبادرة في مقابل إجماع الآخرين على تأييدها. مجلس الوزراء بحث مجلس الوزراء اللبناني في جلسة عقدها أمس، بعد انقطاع دام أكثر من شهر وعشرة أيام، جدول أعمال من 145 بنداً. وعقدت الجلسة في القصر الجمهوري، برئاسة الرئيس ميشال عون وحضور رئيس الحكومة سعد الحريري والوزراء. وهي الجلسة العادية الأولى بعد استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري من الرياض في 4 تشرين الثاني الماضي والعودة عنها في 22 منه. وسبقت الجلسة خلوة بين عون والحريري. وأطلع عون الوزراء على نتائج زيارته الرسمية لروما ومحادثاته مع المسؤولين الإيطاليين لتفعيل التعاون وتعزيز العلاقات بين البلدين. كما اطلع الوزراء على مشاركته في افتتاح مؤتمر الحوار الأوروبي- المتوسطي، وكذلك نتائج تمثيله لبنان في مؤتمر القمة الإسلامية الاستثنائية في إسطنبول واللقاءات التي عقدها مع قادة الدول. وقال عون إن «موقف لبنان كان قوياً وفي اعتقادي أن الوضع الدولي يساعد على إلغاء القرار الذي اتخذه الرئيس الأميركي، لاسيما أن 14 دولة عضو في مجلس الأمن رفضت القرار الأميركي، علماً أن الولاياتالمتحدة لا يحق لها التصويت في مسألة تعنيها». وتمنى عون أن تعاود الحكومة عملها بإنتاجية لتعويض الفترة التي لم ينعقد مجلس الوزراء خلالها. الحريري وقال الحريري خلال الجلسة: «عُدنا والعود أحمد». ثم جدد تحية عون «على كلمته المميزة باسم لبنان في القمة الإسلامية، وهو عبر بصدق وأمانة عن وجدان اللبنانيين والعرب تجاه قرار الإدارة الأميركية نقل السفارة إلى القدس». ورأى أن موقف لبنان متقدم بشأن القدس. وقال: « القرار الأميركي ما كان ممكناً أن يحصل لو لم تكن هناك دول عربية كبيرة غارقة بحروب وصراعات، إلى حد أن ملايين المواطنين العرب تشردوا على صورة الشتات الفلسطيني». وشدد الحريري على «الحاجة للتضامن العربي لإنقاذ القدس لتبقى عاصمة لدولة فلسطين، وحاجة مجتمعاتنا لوضع حد للحروب والنزاعات وفتح صفحة جديدة من التضامن العربي». وتوقف عند مسألة النأي بالنفس وقال: «من المهم الابتعاد عن التدخل بالشؤون الداخلية للدول العربية، ومن باب أولى أن نمنع أي طرف خارجي من التدخل بشؤون لبنان، أو استخدام الأراضي اللبنانية منصة لتوجيه رسائل إقليمية ولمخالفة التزام لبنان بالقرارات الدولية. ولبنان لم يطرح استدراج عروض لجهات عربية أو إقليمية للدفاع عنه. واللبنانيون يعرفون كيف يدافعون عن أرضهم وسيادتهم، ولا يحتاجون إلى متطوعين من الخارج، تحت أي مسمى من الأسماء». وأضاف قائلاً: «بالتأكيد هناك دول شقيقة وصديقة تدعم لبنان في إطار احترام خصوصية البلد وسيادته. والأسبوع الماضي كان مناسبة لوقوف المجتمع الدولي مع لبنان، ومواكبة قرار اللبنانيين حماية الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي. والوفاء يقتضي أن أحيي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي قدم أصدق نموذج عن كيف يكون الأصدقاء». كما حيا «باسم مجلس الوزراء، فرنسا ورئيسها وكل الدول والهيئات العربية والدولية التي شاركت في مؤتمر باريس وأكدت الوقوف مع لبنان والشرعية اللبنانية، والولاياتالمتحدة التي أعلنت عن مساعدات إضافية بقيمة 120 مليون دولار للجيش اللبناني». ولفت إلى أن «أمامنا ورشة عمل يجب أن نستكملها، وتأمين الاستقرار الاجتماعي مهمة أساسية من مهماتنا. قبل يومين انطلق المجلس الاقتصادي الاجتماعي بعمله، ومسؤوليتنا أن نواكبه ونساعده على القيام بدوره. أمامنا فرصة يجب ألا تضيع، والتعاون بين أعضاء الحكومة مهم. الحوار والنقاش الموضوعي أساس في نجاح الحكومة في مواجهة التحديات وخدمة المواطنين يجب أن تتقدم على كل شيء». وقدم وزير العمل محمد كباره مداخلة عن «مكب نفايات طرابلس وعن الكارثة البيئية والصحية التي تتعرض لها طرابلس جراء روائح هذا المكب القريب من المنطقة الاقتصادية الخالصة وسوق الخضر والمرفأ». ونبه إلى أنه «إذا وقع هذا المكب سيهدد ليس فقط لبنان بل كل الدول الواقعة على البحر المتوسط». قضية القدس وناقش مجلس الوزراء قضية القدس، واتخذ في صددها القرار الآتي: اعتبر مجلس الوزراء أن قرار الرئيس الأميركي الأحادي باعتبار القدس عاصمة لدولة إسرائيل لاغ وباطل وفاقد الشرعية الدولية كأنه لم يكن على ما ورد في مختلف القرارات الأممية والدولية الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية بموضوع القدس، ويؤكد التزامه مبادرة السلام العربية في قمة بيروت لجهة اعتبار القدس عاصمة لفلسطين وحق العودة جزءاً لا يتجزأ من أي مبادرة سلام وحل للقضية الفلسطينية، كما يؤكد المجلس العمل على الاعتراف بفلسطين دولة مكتملة العضوية في الأممالمتحدةوالقدس عاصمة لدولة فلسطين وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم، مع تأييد نضال الشعب الفلسطيني وانتفاضته في وجه القرار». وتقرر تشكيل «لجنة وزارية لمتابعة تنفيذ الاقتراحات الواردة في كتاب وزير الخارجية إلى مجلس الوزراء لتكريس القدس عاصمة لفلسطين». تعيينات وقرر مجلس الوزراء تعيين القاضي محمد مكاوي محافظاً لجبل لبنان والقاضي كمال أبو جودة محافظاً للبقاع، ووضع المحافظ أنطوان سليمان بتصرف رئاسة الحكومة. وأجّل المجلس البحث في عرض مجلس الإنماء والإعمار للخيارات المتاحة في شأن موضوع النفايات، وطلب وزارة الاتصالات تمديد عقدي إدارة شبكتي الهاتف الخليوي مع الشركتين المشغلتين، إلى الجلسة المقبلة.