تواصلت أمس ردود الفعل العربية والإسلامية المحذرة من مغبة اعتراف الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل، وفيما أجرى وزيرا خارجية مصر سامح شكري والأردن أيمن الصفدي اتصالين هاتفيين مع وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون حذرا فيهما من التأثيرات السلبية المُحتملة لهذا القرار، حذر نائب رئيس الوزراء التركي بكر بوزداج من «حدوث كارثة كبرى وصراع جديد في الشرق الأوسط»، فيما دعت منظمة التعاون الإسلامي الإدارة الأميركية إلى عدم اتخاذ أي قرار في شأن القدس. وفي جدة، دعا المندوبون الدائمون لمنظمة التعاون الإسلامي، في ختام اجتماع عُقد الإثنين بناء على طلب فلسطيني، الولاياتالمتحدة إلى عدم اتخاذ أي قرار من شأنه تغيير الوضع القانوني لمدينة القدس. وقال البيان إن «المجتمعين طالبوا الدول كافة، بما فيها الولاياتالمتحدة بعدم الاعتراف بأي تغييرات في خطوط الرابع من حزيران (يونيو) 1967، بما في ذلك ما يتعلق بمدينة القدس». وأهاب البيان بواشنطن «أن تميز في معاملاتها بين إسرائيل والأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، بما فيها مدينة القدس، وعدم الإقدام على تشجيع إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، على مخططاتها الاستعمارية التي تسعى إلى السيطرة على مدينة القدس وتهويدها». ودعا المجتمعون في بيانهم «المجتمع الدولي إلى الابتعاد عن كل ما من شأنه تعزيز هذه المخططات والتوجهات غير المسؤولة من خلال التصريحات أو المواقف والعمل على مواجهة هذه الانتهاكات الخطيرة». ورأى المجتمعون أن مواصلة محاولات إحداث تغييرات في مدينة القدس» ستشكل تهديداً خطيراً للسلم والأمن في المنطقة والعالم». وقال بيان منظمة التعاون الإسلامي إنه «في حال اتخاذ الولاياتالمتحدة قراراً بالاعتراف بمدينة القدس بما تسمى عاصمة إسرائيل، ستتم الدعوة إلى عقد اجتماع استثنائي على مستوى مجلس وزراء الخارجية، ومن ثم عقد مؤتمر قمة إسلامي استثنائي في أقرب وقت على أن يحدد تاريخه ومكانه لاحقاً». إلى ذلك، حذر نائب رئيس الوزراء التركي بكير بوزداغ من إن اعترافاً أميركياً رسمياً بالقدس عاصمة لإسرائيل سيتسبب في حدوث كارثة كبرى وسيقود إلى صراع جديد في الشرق الأوسط». وقال بوزداج بعد اجتماع لمجلس الوزراء التركي أمس، إن «وضع القدس والحرم القدسي الشريف محدد في اتفاقات دولية. ومن المهم الحفاظ على وضع القدس من أجل حماية السلام في المنطقة». وأضاف: «إذا اتخذت خطوة أخرى واستمرت فستكون كارثة كبرى». وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أجرى اتصالاً هاتفياً السبت مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس بحثا خلاله وضع القدس، قال خلال أردوغان أن «الإبقاء على وضع القدس مهم لجميع الدول الإسلامية، ويجب تطبيق القوانين الدولية وقرارات الأممالمتحدة». إلى ذلك، أجرى وزير الخارجية المصري اتصالاً هاتفياً بوزير الخارجية الأميركي، تناول احتمال إعلان واشنطن اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل، إضافة إلى العلاقات بين البلدين، وتطورات الأوضاع الإقليمية. وأوضح الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية أحمد أبو زيد أن «شكري تناول خلال الاتصال التعقيدات المرتبطة باتخاذ الولاياتالمتحدة مثل هذا القرار، وتأثيراته السلبية المُحتملة في الجهود الأميركية لاستئناف عملية السلام»، مشيراً إلى أن «مكانة مدينة القدس القانونية ووضعها الديني والتاريخي يفرضان ضرورة توخي الحرص والتروي في التعامل مع هذا الملف الحساس المرتبط بالهوية الوطنية للشعب الفلسطيني على مر العصور، ومكانة القدس لدى الشعوب العربية والإسلامية». وأعرب شكري عن «تطلع مصر لأن يتم التعامل مع الموضوع بالحكمة المطلوبة، وتجنب اتخاذ قرارات من شأنها أن تؤجج مشاعر التوتر في المنطقة»، مؤكداً أن «مصر ستظل دائماً شريكاً يمكن الاعتماد عليه بفاعلية في بناء الثقة وتشجيع الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي على استئناف المفاوضات بهدف التوصل إلى سلام عادل وشامل». إلى ذلك، حذر وزير خارجية الأردن أيمن الصفدي خلال اتصال هاتفي مع نظيره الأميركي من «تداعيات خطرة» لأي قرار بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. وأكد الصفدي خلال الاتصال الذي تمّ مساء الأحد «ضرورة الحفاظ على الوضع التاريخي والقانوني في القدس، وعدم اتخاذ أي قرار يستهدف تغيير هذا الوضع»، على ما أفادت وكالة الأنباء الرسمية (بترا). وحذر من «التداعيات الخطرة لأي قرار بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل في ضوء المكانة الدينية والتاريخية والوطنية الخاصة للقدس، ليس فقط عند الفلسطينيين والأردنيين، بل على امتداد العالمين العربي والإسلامي». وأشار الصفدي إلى «التداعيات السلبية لمثل هذا القرار على جهود الولاياتالمتحدة المساعدة في تحقيق السلام» بين إسرائيل والفلسطينيين. وأكد «خطورة اتخاذ أي قرار يقوض الجهود السلمية ويدفع المنطقة نحو المزيد من التوتر». ويشكل وضع القدس إحدى أكبر القضايا الشائكة لتسوية النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين. وتعتبر إسرائيل القدس بشطريها عاصمتها «الأبدية والموحدة»، في حين يرغب الفلسطينيون بجعل القدسالشرقية عاصمة لدولتهم المنشودة. وأقرّ الكونغرس الأميركي عام 1995 قانوناً ينص على «وجوب الاعتراف بالقدس كعاصمة لدولة إسرائيل»، وعلى نقل السفارة الأميركية إليها. ورغم أن القرار ملزم، لكنه يتضمن بنداً يسمح للرؤساء بتأجيل نقل السفارة ستة أشهر لحماية «مصالح الأمن القومي». ومذاك، قام الرؤساء الأميركيون المتعاقبون بصورة منتظمة، بتوقيع أمر تأجيل السفارة مرتين سنوياً. وهذا ما فعله ترامب في حزيران (يونيو) الماضي. ويتوقع أن يقوم بذلك مرة ثانية هذا الأسبوع. ليبرمان: نقل السفارة «فرصة تاريخية» اعتبر وزير الدفاع الاسرائيلي افيغدور ليبرمان الاثنين ان احتمال نقل السفارة الاميركية من تل ابيب الى القدس، يشكل «فرصة تاريخية»، محذرا من ان اسرائيل ستواجه اي اعمال عنف قد تندلع بفعل قرار مماثل. ونقل بيان صادر عن حزب «اسرائيل بيتنا» الذي يتزعمه ليبرمان قوله في اجتماع الاثنين لحزبه في البرلمان «يوجد فرصة تاريخية لتصحيح الظلم». وعبر ليبرمان عن أمله «بأن يكون قرار الرئيس ترامب نقل السفارة الاميركية الى القدس نهائيا، وآمل ان ارى سفارة أميركية هنا في القدس الاسبوع المقبل او الشهر المقبل». وحذر ليبرمان من ان اسرائيل مستعدة للتعامل مع اي اضطرابات جديدة. وأضاف «لو حاول احدهم اثارة الصعوبات او اعمال الشغب حول نقل السفارة، فسنقوم بالتعامل مع ذلك».