هيمنت التطورات الاحتجاجية الساخنة التي يشهدها عدد من الدول العربية حالياً، على مداولات «المؤتمر المصرفي العربي لعام 2011» الذي بدأ أعماله في الدوحة أمس، تحت شعار «رؤية جديدة للإصلاح الاقتصادي»، إذ ارتفعت أصوات حكومية ومصرفية تدعو إلى «وضع خريطة إصلاحات شاملة»، وأخرى تحض على «الاهتمام بالشفافية». وأطلق رئيس الوزراء القطري وزير الخارجية حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، أولى دعوات الإصلاح في المؤتمر، إذ حض على «بلورة رؤية اقتصادية جديدة « و»ابتكار نموذج اقتصادي يتوافق مع متطلبات المنطقة وواقع الأمور ليعزز القدرة على تجنب الأزمات وإتاحة فرص العمل وحفز الإنتاج والابتكار والادخار». ودعا الشيخ حمد الذي رعى المؤتمر في كلمة ألقاها نيابة عنه محافظ مصرف قطر المركزي الشيخ عبدالله بن سعود آل ثاني، إلى «إصلاحات». ورأى أن «أهم أسباب الأزمة السياسية في المنطقة (العربية) تعود إلى الفساد والبطالة وغلاء المعيشة». ولفت رئيس الوزراء القطري إلى «ارتفاع معدلات البطالة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في شكل كبير، وأنها تجاوزت في بعض الدول المعدلات العالمية، وأنها تبلغ أكثر من 10 في المئة في عدد كبير منها»، مشيراً إلى «ارتفاع نسب البطالة بين الشباب». وقال: «على دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا توفير 18 مليون وظيفة خلال عشر سنوات، وهذا أمر في غاية الصعوبة إذا لم يرتفع النمو الاقتصادي عن معدلاته الحالية». وتحدث في المؤتمر رئيس مجلس إدارة اتحاد المصارف العربية عدنان يوسف، قائلاً إن «العالم العربي يشهد اليوم أحداثاً وتغيرات وتحولات تاريخية». ودعا إلى «إصلاحات بنيوية تتيح للدول العربية مواجهة التحديات الاقتصادية والتنموية». وأضاف: «اتحاد المصارف العربية نرى أن الإصلاحات البنيوية هي السبيل إلى إيجاد مناخ مشجّع للأعمال والاستثمارات». ودعا الدول العربية إلى «تمكين القطاع الخاص من توظيف إمكاناته والشراكة معه في المشاريع التنموية». ورأى أن «الإصلاح المطلوب يحتاج إلى خريطة طريق تضع سياسات وطنية اقتصادية اجتماعية واضحة وتؤسس لسياسة تنموية شاملة تنبع من حاجات الناس الحقيقية»، معلناً أن الاتحاد «يعمل منذ فترة على وضع ضوابط ومعايير لتكون مقدمة لخريطة طريق تقوم على إيجاد منصة حوار للمؤسسات المالية العربية وتعزيز الحوار بين اتحادات العمل وإيجاد رؤية عربية جديدة للإصلاحات». وفيما رأى أن «التحديات التي يفرضها المشهد السياسي العربي تتطلب إعطاء زخم أكبر للنشاط المصرفي على أسس شفافة ونزيهة وأكثر صلابة»، أوضح أن «موجودات القطاع المصرفي العربي تجاوزت 2.6 تريليون دولار نهاية عام 2010، وأن الودائع تجاوزت 15 تريليون وحسابات رأس المال 300 بليون دولار، أما المصارف الإسلامية فبلغت موازنة أكبر 10 مصارف منها نحو 204 بلايين دولار فيما بلغت ودائعها 144 بليون دولار». ودعا رئيس مجلس إدارة «الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب» رئيس «جمعية مصارف لبنان» جوزيف طربيه إلى «تشكيل هيئة مشتركة تراقب الأزمات وتواكبها وتعين الحكومات على تطوير منهجي لمناخ الاستثمار، وإزالة أي تحفظات عن مساهمة القطاع الخاص في التنمية». وشدد على «مفهوم الإصلاح الشامل في العالم العربي في مجالاته السياسية والاقتصادية والقضائية». وحض مسؤولي المصارف إلى «أداء دور جديد لمواكبة المستجدات ودعم حركات الإصلاح الاقتصادي»، معتبراً أن «التكامل الاقتصادي أصبح ضرورة ملحة». وأعرب عن أمله بأن «يُنتهى من السوق العربية المشتركة بعد خمس سنوات، يليها الاتحاد الاقتصادي الكامل خلال خمس سنوات إضافية، وأن يُنجز مصرف عربي مركزي وعملة عربية موحدة قبل عام 2020 وفقاً لمنهج كرسته قمة الكويت الاقتصادية العام الماضي». ويناقش المصرفيون العرب في مؤتمرهم قضايا الساعة وبينها عناوين تتحدث عن «مقاربة اقتصادية للإصلاح العربي» و»إدارة الأزمات في القطاع المصرفي المالي» و»التكامل العربي» و»مناخات الاستثمار» و»التطورات السياسية وتأثيراتها على الاقتصادات العربية».